بسم الله الرحمن الرحيم

الثقافة و للتنمية

البحث في علاقة الثقافة بالتنمية، يعني التنقيب عن ذلك الكُل المركب من العادات، والتقاليد، والقيم، والعقائد، والاعراف، والإرث المادي، والمعرفي، لمجتمع ما في محيط جغرافي معين، ودراسة مدي استجابة ذلك النسق الاجتماعي، لخطط ومشاريع وبرامج التنمية، مما يؤدي الي اثارة الكثير من التساؤلات، عن ماهية هذه العلاقة؟ وكيف يكون للثقافة دور في نجاح او فشل برامج التنمية؟ وما طبيعة ذلك التاثير..؟ وكيف نفهم مدى إستجابة بعض النظم الاجتماعية وتفاعلها، واستيعابها لنظريات التنمية وتحويلها الي برامج عمل ومشاريع أدت الي تغيرات بنيوية وهيكلية في النسق الاجتماعي ؟ وعجز بعض المجتمعات بالرغم من ان حظّها من الموارد الطبيعية والبشرية اوفر من تلك التي سبقت ؟ ماهو سبب تفاوت بعد المجتمعات في القدرة على النهوض وعجز مجتمعات اخرى حتي في الايفاء بالحاجات الاساسية للافراد بالرغم من استخدام استراتيجيات متطابقة في كثير من الاحيان ؟ كيف نفهم قول ابن القيم:" ثم إن الدين فى باب المعاملات مصلح لا منشئ "([1]) تساؤلات عديدة تتعلق بمسألة التنمية ينبغي أن تطرح هنا: ما الذي يطلق شرارة التنمية في الاقتصادات الوطنية ؟ وما الذي يجعل اقتصادات جنوب غرب آسيا تنطلق تنمويا وتسجل معدلات نمو هائلة تثير إعجاب العالم وفي فترة وجيزة نسبيا، بينما لم يتمكن الأفارقة من الانطلاق من عقال التخلف الاقتصادي، وما الذي يميز القارة الأفريقية وبلدانها لتتأخر في الوقت الذي يتقدم فيه الآخرون ؟ ماذا يقصد الرئيس السوداني "عمر حسن احمد البشير"، عندما قال:"ان مشكلة السودان هي مشكلة ثقافية"([2]) ...

في السنين الأخيرة، وبعد نهاية الحرب الباردة، عادت الأسئلة الملحّة تطرح من جديد، تبحث عن تفسير لمعضلات التخلف والتنمية. إذا كان الاستعمار والتحديث والتبعية للخارج هي تفسيرات غير كافية للفقر وغياب الديمقراطية، وإذا كان هناك عدد من الاستثناءات المهمة للتفسيرات التي تستند إلى الجغرافيا والمناخ، فكيف يمكن تفسير التقدم الغير مرضي نحو الرخاء والعدالة الاجتماعية والتعددية السياسية في نصف القرن الماضي؟

مفهوم الثقافة في التنمية:

 قضية التنمية من أكبر التحديات التي ظلت تواجه مجتمعات العالم الثالث بصفة خاصة، والمجتمع الدولي بصفة عامة، وقد قضي المجتمع الانساني ردحاً من الزمان، بحثا عن القوانين الطبيعية والقواعد الاجتماعية التي يمكن من خلال اتباعها تحقيق"الهدف المنشود"- تحسين نوعية الحياة- والحصيلة كانت كم هائل من النظريات، والمداخل، والمناهج، والاستراتيجيات، والمبادرات([3])، التي كانت كل واحدة منها تبشر بإكمان الوصول الي "الكمال المفقود" او ما -ان جاز التعبير- يمكن ان نطلق عليه "الرفاه المتكامل"*. الا اننا نجد تباين أوجه القصور في الكثير من هذه النظريات، والمداخل عند التطبيق، فبينما نجحت هذه النظريات في بعض المجتمعات(ماليزيا، الصين، الهند، المكسيك) نجد انها فشلت فشلا زريعا في مجتمعات أخري(كل الدول الافريقية –مع نجاح نسبي في جنوب افريقيا وغانا ونيجيريا- والعربية ودول امريكيا اللاتينية مع تقدم نسبي للبرازيل). والذي دل علي ذلك الفشل هو تفاقم الاوضاع الاجتماعية – ارتفاع معدلات البطالة، ارتفاع معدلات الفقر، الامراض...، وهلم جرا- وزيادة معاناة البشر، مما ادي الي تعاظم اهتمام المنظًرين والمفكًرين الانمائيين، وعلماء الاجتماع، في البحث عن مبادرات جديدة ومحاولة الكشف عن المفتاح الحقيقي للتنمية في المجتمعات الانسانية، وعلى الرغم من الجهود الكثيرة التي بذلت في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية لفهم وتفسير عملية التنمية فإن التقدم الفعلي الذي تم تحقيقه مازال محدودا، وعدد البلاد النامية التي نجحت في كسر قيود التخلف مازال قليلا جدا، كما أن في العالم العربي والإسلامي بالذات (رغم توفر كثير من العوامل المساعدة، وتنبىء بعض العلماء الغربيين** بمستقبل مشرق لبعض الدول، مثل السودان ونيجيريا) مازالت الصورة مخيبة للآمال. وباختصار، فإن العالم اليوم – ونحن في بداية القرن الواحد والعشرين – مازال أكثر فقرا وأقل عدالة مما كان يتوقعه أكثر الناس في منتصف القرن الماضي، في بداية الحركات التحررية ونيل الكثير من دول العالم الثالث استقلالها، والاعتقاد الخاطئ لدي الكثير من نخب العالم الثالث في قدراتها لقيادة دفة التنمية)[4]( .

 فكان البحث والتنقيب عن ما لم يؤخذ في الحُسبان عند تصميم وتنفيذ خطط وبرامج التنمية، الا ان فجّر الامريكي  "لورنس هاريسون LAWRENCE HARRISON"*، قنبلته العلمية في كتابه الموسوم :"التخلف حالة زهنية- دراسة حالة لدول امريكا اللاتينية،(1985م)
Under Development is State of Mind: case of Latin America""
والذي كان ثمرة دراسة قام بها وسط المجتمعات التقليدية في بعض دول امريكا اللاتينية، خلص فيها الي ان مشكلة التخلف مرتبطة بتصورات كامنة في اذهان الافراد في المجتمعات المتخلِّفة. وبالرغم من انها ليست المرة الاولي التي يحاول فيها احد علماء الاجتماع([5]) ان يلفت الانظار الي العوامل غير الاقتصادية للتنمية والتخلف، الا ان"التخلف حالة زهنية" كان الاقوي اثرا من بين تلك النداءات. وقدم –حسب ابراهيم غرايبة-  علماء غربيون مثل "آلان بيرفت" مؤلف كتاب "المعجزة في الاقتصاد" ومؤسسات دولية مثل منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أفكارا قائمة على أن الاكتفاء الذاتي والتنمية ترتبط بثقافات الشعوب والمجتمعات وسياسات الدولة العامة أكثر مما ترتبط برأس المال والموارد المادية وحدها. وذكر ان بيرفت، طرح عدة اسئلة في كتابه "المِحنة الفرنسية"، من امثلة: "هل ينبغي استبعاد واقع أن أكثر السمات غير المادية في المجتمع كالدين والثقافة، ودوافع العمل والموقف تجاه السلطة، وردود الفعل التاريخية وأخلاق الفرد والجماعة والتربية والقيم، تعدل من سلوك كل شعب، وتحور مسار كل حضارة حتى في أكثر المجالات مادية كالاستثمارات والإنتاج والتبادل ومعدلات النمو؟ لم يُختزل الاقتصاد في مواد أولية ورؤوس أموال ويدعاملة؟ ولم لا يكون قبل أي شيء آخر ثقافة مواتية للاقتصاد؟ ماذا لو كانت الديمقراطية لا تنحصر في المؤسسات بل تتطلب حسا عاملا قادرا على تفعيلها؟ ماذا لو كان هذا التأثير للعامل الثقافي هو السبب الحاسم –وليس الوحيد بالطبع– للتخلف والتقدم الاقتصادي وللأزمات كما للتوازنات السياسية؟

لماذا تستطيع الهند الجنوبية إطعام 385 شخصا في الكيلومتر المربع الواحد في حين أن أفريقيا الاستوائية التي حباها الله سبحانه وتعالى بالمطر، والاراضي الخصبة، والشبيهة بالهند من حيث مناخها وطبيعة أرضها وتضاريسها، وتنوع سكانها، تكاد لا تستطيع أن تطعم أربعة أشخاص من سكانها في الكيلومتر المربع الواحد؟... من المؤكد أن الفرق يكمن في البشر لا في الأرض([6]).ويحدثنا آلان بيرفت عن دور الثقافة والعلم في صناعة التقدم في المجتمعات الإنسانية إذ يقول: هناك أفكار تركت تأثيرها الكبير في الفكر التنموي، كأفكار الكاتب"  يوكيشي فوكوزاو"*  التي تمجد العلوم الاجتماعية والعلوم الفيزيائية، ويضيف "بيرفت" أن الكاتب الياباني كان يشدد على الثقافة الجامعية كمضمون يعطي الاستقلال معناه([7]). فتطابق الرؤي هنا واضح بين بيرفت وهاريسون حول ان التنمية يجب البحث عنها في ما يحمله الافراد من افكار وآليآت لتحديد الاحتياجات، والأساليب المتبعة لتلبية تلك الاحتياجات، والمواقف تجاه عمليات التنمية. فالمجتمعات التقليدية دائما تلجـأ الي رفض كل ماهو جديد وغريب،(Top Down Plan وهو السبب الرئيس في فشل الكثير من مشروعات التنمية.

وهي رؤى تصلح بالتأكيد للاستنتاج أن ثقافة الناس واتجاهاتهم الاجتماعية والاقتصادية أسعفتهم في توفير إمكانية التعامل مع مشكلات شح الموارد المائية، وتوظيف البيئة والطبيعة المتاحة في إقامة مشروعات تنظيم استخدام الموارد المائية وتخزينها وتوفيرها للشرب والخدمات، ومحاولة خلق موازنة عادلة في الأستخدام بين الرعي والزراعة (كما هو الحال في استراتيجية تحديد المسارات في اقليم دارفور)، وتحقيق الاكتفاء الزاتي، وهي مشكلات وتحديات عجز الجيل الحاضر حتى باستخدام التقنية والموارد الإضافية المتأتية من القروض والمنح الأجنبية عن التعامل الإيجابي معها.

وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الثقافة قد عني منذ البداية الخلق والإبداع في مجال زراعة الأرض وتشجيرها ، وبهذا المعنى يذكر " لويس دوللو " أن المعنى الاقتصادي لمفهوم الثقافة الأول هو معنى تنموي لأن الثقافة كانت تعني زراعة الأرض وغرس النباتات والأشجار والخضار ، ويرى أن أنماط التنمية تفترض أنماطا ثقافية محددة بحدود الشكل التاريخي للأنماط الأولى وممهورة بخاتم هويتها التاريخية)[8](

وتشكل المرجعيات الثقافية والدينية أنظمة عمل تؤثر بوضوح في السوق والاقتصاد مثل دفع الضرائب أو التهرب منها، والتكافل واحترام العهود والمواثيق، فالتزام الناس بأداء الحقوق باعتبارها دينا واجب السداد.

أهمية الثقافة في التنمية:

 بعد فترة طويلة انشغل فيها الفكر التنموي بالقضايا الاقتصادية، ومن ثم بالمسائل السياسية والأيديولوجية، بوصفها مداخل لتجاوز حالة التخلف والإخفاق في مواجهة استحقاقات العصر، أخذ الفكر التنموي يولي المسألة الثقافية اهتماماً ما فتئ يتعاظم تدريجياً حتى غدت الثقافة في صلب العوامل التي تساهم في فهم وتفسير حالة التعثر في المسعى التنموي الذي تعيشه دول العالم الثالث والشرط الضروري لتجاوزها وفي، الوقت الذي عرف فيه مفهوم التنمية قفزة نوعية جديدة، عرف مفهوم الثقافة نفسه تطورا هائلا، ولم يعد يحيل إلى المعارف التي يتم تلقينها في المدارس العصرية . بل أصبحت مرادفا للرقي الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات (ثقافة تنموية، ثقافة سياسية، ثقافة بيئية، ثقافة صحية، ثقافة تربوية، ثقافة تعايش، ثقافة الحوار، ثقافة قبول الاخر....والخ)، مما يعني انها اصبحت نظرية في السلوك بما يرسم طريق الحياة إجمالا، وبما يتمثل فيه الاطار العام الذي تتشكل فيه السمات العامة للجماعات، والمقومات التي تميزها عن غيرها من الجماعات بما تقوم به من العقائد والقيم واللغة والمبادئ، والسلوك والمقدسات والقوانين والتجارب والآداب والفنون، وطرق كسب العيش والسكن.

لذلك يرى "رومانيلي" ان وضع الثقافة في صميم سياسة التنمية يشكِّل استثماراً أساسياً في مستقبل العالم وشرطاً مسبقاً لعمليات عولمة ناجحة تأخذ بعين الاعتبار مبادئ التنوع الثقافي، علماً بان تذكير مجمل الدول بهذه المسألة الأساسية يقع على عاتق اليونسكو)[9](.

وايضا يمكن قراءة البعد الثقافي للتنمية من خلال تقرير التنمية البشرية لسنة 1996 طبيعة ودرجة العلاقة بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية. فهناك من يرى انها بادرة غير مسبوقة يتم خلالها تحديد مفهوم التنمية البشرية بصورة دقيقة على أنه "توسيع خيارات الناس بتوفير الفرص لهم في مجالات العمل والدخل والصحة والتعليم والحقوق السياسية التي تتكاثف في مفهوم المشاركة"، والمشاركة الحقيقية هي التي تبدأ من الاسفل الي أعلي اي من القاعدة او المجتمع التقليدي، علي ان يكون ذلك المجتمع علي قناعة تامة بضرورة التغيير، وان النجاح في تحقيق التنمية يتوقف علي مشاركته .

اما مفهوم "نوعية الحياة" كهدف متقدم للتنمية يمكن تحليل علاقته بالثقافة من خلال المكونات الثلاث الأساسية لمفهوم التنمية البشرية المستدامة:

1-  المكون الأول ويتصل بمسألة تكوين القدرات البشرية والمتصلة بالتعليم والتدريب وتأهيل الرأسمال البشري.

2-   المكون الثاني ويتعلق بتوظيف القدرات البشرية في إنتاج السلع والخدمات أو مكونات الرفاهية بشكل عام.

3-  المكون الثالث هو الرفاه الإنساني، أي مستوى الرفاهية المحقق بناء على القدرات البشرية المتكونة وعلى حسن الاستفادة منها في النشاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

"هكذا تتحدد الصلة بين نوعية الحياة "Quality of Life" وبين التنمية البشرية المستدامة، باعتبار أن نوعية الحياة هي النظرة الأحدث إلى موضوع قديم في العلم الاجتماعي وهو مسألة إشباع الحاجات الأساسية إلى المستويات الأعلى من الرفاه الإنساني، ويشمل قضايا تتعلق بالتعليم والصحة والسكن و، إضافة إلى مسائل تتصل بالحرية والجمال والاطمئنان والمساواة والسعادة والمشاركة والعدالة. أي أننا أمام مفهوم مركب ومشروط بالسياق الثقافي التاريخي لكل شعب")[10](.

إن أهمية البعد الثقافي للتنمية قد جعلت " دوللو " – حسب قهوجي- يعتبر الإعلان عن حق الإنسان بالثقافة أحد الثورات الثقافية الهامة في القرن العشرين ، فهو يرى أن الإعلان عن " الحق في الثقافة " الذي أصبح أحد بنود حقوق الإنسان يمثل " الثورة الثقافية " الثانية في القرن العشرين ، إن تجريد الإنسان من حقه في الثقافة – بصرف النظر عن الحقوق السياسية والاقتصادية الأخرى - يساوي تجريده من بشريته وآدميته ، فهو الكائن الوحيد المثقف ، بمعنى القادر على الخلق عن طريق التفكير والابتكار. وتتعاظم أهمية البعد الثقافي في التنمية في ظل ظروف التخلف التاريخي التي تعاني منه بعض الشعوب ، فالثقافة في مثل هذه الظروف هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة لدى الإنسان للتأكيد على آدميته واسترجاع حقوقه الأخرى ، ويؤكد "قهوجي"  أن الثقافة بمعنى التفكير غير قابلة للمصادرة ، بينما باقي الحقوق الأخرى قد تصادر ، لذا فإنه في ظل ظروف تاريخية متخلفة لا بد أن تأخذ الثقافة طابعا نقديا وتكون شكلا من أشكال الدفاع عن الذات الإنسانية الحرة ، وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الباحثين والمفكرين يميلون إلى الاعتقاد أنَ من الأسباب الرئيسة لتخلف العالم الثالث ، هو الفشل في الأخذ في الحسبان قوة الثقافة كعامل مؤثر يمكن أن يساعد على التقدم أو عرقلته ، ولقد أكدت مؤتمرات " اليونسكو " العديدة التي عقدت في العقدين الماضيين على أهمية الاعتراف بالبعد الثقافي ضمن عملية التنمية والتأكيد على الهويات الثقافية ، وفتح آفاق المشاركة في الحياة الثقافية مع دعم التعاون الثقافي الدولي، وقد أعتبر من الضروري اعتماد القيم الكونية ، وفي آن واحد التعددية الثقافية ، بحيث تهدف السياسات الثقافية إلى المحافظة على تعددية المبادرات الثقافية وحمايتها بما يدعم التفاهم والاعتبار والاحترام بين الأفراد والأوطان في مجابهة مخاطر الصراعا ت والتغلب عليها ، وهذا ما جعل الثقافة بالمنظور الكوني الجديد في قلب عملية الوجود البشري ، وعملية التنمية الإنسانية من منطلق أن الثقافة هي مجمل الخطوط المميزة روحانيا أو ماديا وفكريا وحسيا ، هذه الخطوط هي التي تميز مجتمعا ما أو مجموعة اجتماعية. ولا نجاح للتنمية إلاّ من خلال سياسة ثقافية تطال كلّ نواحي الحياة الاجتماعية السياسية, الاعلامية, والبيئية، الاقتصادية والتربوية. وربما من حسن حظ الثقافة أنها لا تخضع لعملية حسابية على قواعد الربح والخسارة. وما مظاهرها المادية والمعنوية، وانفتاحها على باقي الثقافات العالمية, سوى معايير لقوتها وتسامحها وديمومة بقائها)[11](.

دور الثقافة في التنمية:

يقول "دوني كوش": " والثقافة لا تتيح للإنسان التكيف مع بيئته فحسب، بل تتيح له إمكانية تكييف هذه البيئة لحاجاته ومشروعاته، بمعنى آخر، الثقافة تجعل تغيير الطبيعة أمراً ممكناً"([12])؟..

"ومثلما توفر الثقافة الأرضية المناسبة للتنمية وترفدها بمقومات الديمومة وعناصر النجاح، تقوم التنمية بمعناها العميق بتوفير فرص وإمكانات تطور الثقافة، عبر تغييرها لمستوى ونوعية حياة الناس باعتبارهم غاية التنمية ووسيلتها. أما التنمية التي لا تفضي إلى توسيع خيارات البشر ولا ترتقي بحياتهم، فلا تعدو أن تكون خطاباً أيديولوجياً لا يستحق المناقشة")[13](.

لو افترضنا أن التنمية تعني جهدا واعيا ومخططا من أجل توسيع الخيارات أمام كل إنسان لتوفير حياة أفضل له. فإن الثقافة  تعتبر عنصرا فاعلا ومؤثرا في إنجاح برامج التنمية, فالثقافة تلعب دورا مهما بالنسبة لسلوك الإنسان- بل ويمكن ان تعتبر موجه لذلك السلوك- والتقدم الذي يحققه على المستوى الشخصي ومن ثم على المستوى الجمعي،  ولذا فإن دور الثقافة في التقدم الاقتصادي والاجتماعي ليس موضع شك او جدل،  فلابد من الاعتراف بالبعد الثقافي ضمن عملية التنمية.

ويكمن التحدي الأكبر على هذا الصعيد في إقناع صانعي القرارات السياسية والفاعلين الاجتماعيين المحليين والدوليين بدمج مبادئ التنوع الثقافي وقيم التعددية الثقافية في مجمل السياسات والآليات والممارسات العامة، اذ جرت العادة في معظم دول العالم الثالث، ان تتم عملية توجيه خطط وبرامج التنمية من قبل النخبة الحاكمة في كل المراحل (تخطيط، تنفيذ، تقييم)، دون ان يكون للمجتمع اي دور في ذلك. لا سيما عبر الشراكات العامة والخاصة، والعدالة في توزيع فرص التنمية بين المجتمعات في الدولة الواحدة، مع اتاحة الفرص للمجتمع في المشاركة في كل المستويات.

ومن الصعب أن نتصور رفضا كاملا لدور الثقافة وتأثيرها على السلوك الإنساني، على الأقل، كعامل ضمن مجموعة من العوامل المؤثرة. وهناك الكثيرون من المهتمين في البلاد النامية – بما في ذلك البلاد العربية والإسلامية – الذين يرون أن للثقافة دورها المهم في التنمية، ويريدون أن يصلوا إلى فهم أعمق للجوانب الإيجابية والسلبية التي لها تأثير على التنمية في ثقافتهم، ويفكرون في إمكانيات التغيير الثقافي وسبل تحقيق ذلك التغيير.

"ان الثقافة وسيلة خطرة وفعالة لانها اكثر قدرة علي تثبيت التصورات والقيم والرؤى، وترسيخ المرجعيات الفكرية التي تصدر عنها المواقف الي ذلك قدرتها علي اختراق الحواجز واجتياز الموانع" )[14](، وهذا ما اكده المفكّر العالمي "نعوم تشومسكي"* في مقاله المثير للجدل في يناير 2011م تحت عنوان "اسلحة صامتة لحروب هادئة Silent Weapons for Quiet Wars" والذي حدد فيه عشرة استراتيجيات للسيطرة علي الشعوب، وكلها تعتمد علي قدرة الاعلام في التاثير والتحكم في القوة الادراكية والعقلية والزهنية والمعرفية للشعوب، لتحقيق اهداف اقتصادية وسياسية وعسكرية، اي انها استراتيجيات ذات بعد ثقافي.  

وخلاصة القول ان الثقافة تمثل حجر الزاوية في التنمية، وتاتي هذه الدراسة و تهدف إلى البحث عن كيفية لفت انتباه النخب وقيادات المجتمع، والمخططين الانمائيين، بخطورة اهمال دور الثقافة كركيزة مهمة من ركائز التنمية الشاملة، ان للثقافة أهدافاً تنموية نبيلة لا بدّ من رعايتها وإرساء دعائمها في المجتمع المدني العصري. وأهم تلك الأهداف النبيلة, لا بل رائدها على الإطلاق, إعداد الإنسان وبناؤه بناء معنويا، بحيث يكون له دور ايجابي في المشاركة في عملية التنمية.

التنمية الثقافية:

هناك من يرى ان الثقافة لا تستطيع ان تقدم من تلقاء نفسها النتائج الايجابية، فمثل هذه النتائج تتوقف على قدرة المجتمعات على الاستثمار في الثقافة وتدعيم وظيفتها وتعزيز مكانتها ودورها في التنمية, إهمال هذه الثقافة وضعف الاستثمـــار فيها, يشكـل عوامـل رئيسيـة في إعـاقـة التنمية)[15](.

ومع أن الثقافة مثلها مثل التعليم من حيث مساهمتها في تطوير رأس المال البشري المتاح للمجتمع إلا أننا هنا نفرق بين أثر الثقافة والتعليم، فالثقافة مرتبطة بالسلوك وكيفية التفاعل مع المتغيرات المحيطة بنا وهذا مفهوم  أشمل و أعمق من التعليم  الذي هو غالبا يرتبط بالمعلومة والمعارف وكميتها.

وعليه نستطيع الإشارة إلى الفرق الجوهري بين الثقافة والتعليم, فنجد أن الثقافة هي الحالة الأكثر تطورا لحالة التعليم. فالشخص المتعلم المثقف هو أكثر عمقا من الشخص المتعلم الغير مثقف مما يجعله الأفضل وذلك وفق المنطق العلمي البسيط. فالمعلومة الثقافية تتميز عن المعلومة التعليمية المتخصصة في كون أنها قادرة على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من العقول البشرية دون أي عناء. وهذا على العكس من المعلومة المتخصصة التي تبقى في نطاق محصور بين المتخصصين، كما ان الثقافة تستخدم اساليب ووسائل اتصال يمكن ان يتفاعل معها كل افراد المجتمع بغض النظر عن المستوى التعليمي الذي وصل اليه الفرد .

 فعلى الصعيد الداخلي بدأت الدول التي تعرف وزارات للثقافة تخطط وتصنع السياسات الثقافية وتعمل على تنفيذها. أما على الصعيد الدولي، فقد أدركت مجموعة الدول السائرة على طريق النمو ان الاستثمارات والمساعدات المالية الخارجية غير كافية وحدها للخروج من حالة الوهن والتخلّف، وانه من غير الممكن استيراد كل ما هو متطوّر عند الدول الصناعية وكأنّ الأمر هو "عملية تقليد اعمى"، إذ لا بدّ قبل كل شيء من إنماء ثقافي، أي من إنسان مثقّف يُحس بحاجته الي  استعمال التكنولوجيا،ويحسن التصرف معها.

  بدأت اليونسكو عملياً بالتحرّك على خط التنمية الثقافية بصورة تغلّبت فيها مسألة إرسال خبراء في حقل الإنماء الثقافي إلى الدول النامية، على مسألة الدعم المادي لها
ونخلص  مما تقدّم الي ان العلاقة بين الثقافة والتنمية هي علاقة عضوية، وإن دور الثقافة في التنمية الشاملة هو أساسي، ومحوري كما اشرنا من قبل،  فتحسين ظروف العيش الإنساني لم يعد يترجم فقط بزيادة الدخل، بل يفرض تحسيناً مستمراً لنوعية الحياة نفسها, كما يفترض تطلّعاً إلى قيم جديدة،  هذا البحث الدؤوب عن القيم هو بالنتيجة مسار ثقافي يعبّر الفرد من خلاله عن ذاته،و كرامته، وتساويه مع الآخرين عبر الاتصال والخلق وإعطاء معنى للحياة. فعند تناوله لنظم تقسيم العمل الدولية, يذكر Korny ان “كل المعايير المادية وغير المادية للشرائح الاجتماعية العالمية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار حتى يتمّ احتواء كل وجوه التنوّع والتعددية الموجودة في العالم الثالث
وباختصار شديد، فإنّ الإنسان هو محور وهدف التنمية في آن معاً. فمن جهة، تهدف التنمية إلى بناء الإنسان بناء معنوياً، وعن هذا الهدف تتفرّع بقية الأهداف الثانوية الأخرى من إقتصادية واجتماعية. ومن جهة أخرى، فإنّ الإنسان هو الذي يسير ويشارك وينفّذ التنمية، وهو بالتالي “جسداً وفكراً مليئاً بالمشاعر والأحاسيس والأفكار والمعتقدات والمواقف والاجتهادات والتطلّعات والرغبات. وهذا كلّه يشكّل عوامل حاسمة في عملية تسيير التنمية وتوجّهها في هذا الاتجاه أو ذاك، أو في هذا المجال الاجتماعي أو ذاك الخ.. ولعل أفضل تأكيد على حاجة التنمية إلى الثقافة ما نلاحظه في التعريفات التي أعطيت لكلا المفهومين. فالثقافة تعبير يتميّز بمرونته ونسبته, وقد أعطي للثقافة أكثر من مئة وخمسين تعريفاً، في البداية كانت الثقافة تعني فقط التراث ومجموعة العادات والتقاليد لدى جماعة معيّنة كما كانت تشمل الأعمال الفنية لهذه الجماعة، ثم توسّع المفهوم حتى أصبحت الثقافة تتعلّق بكل جوانب حياة الإنسان. ولكن لا يصح أن ننظر إلى الثقافة كمجرّد معلومات وتراكم للمعرفة, بل هي مجموعة من المواقف الحيّة والمتحرّكة.

ويبدو ان أفضل تعريف أعطي لها ما جاء في إعلان مكسيكو أثناء انعقاد مؤتمر اليونيسكو للثقافة عام 1982 وهو: “ان الثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته, وهي التي تجعل منه كائناً يتميّز بالإنسانيّة المتمثّلة والقدرة على النقد والالتزام الأخلاقي. وعن طريق الثقافة نهتدي إلى القيم ونمارس الاختيار وهي وسيلة الإنسان للتعبير عن نفسه والتعرّف على ذاته والبحث من دون ملل عن مدلولات جديدة وحالات إبداع. من هذا المنظور نستطيع أن نقول إذن، إن التنمية الثقافية هي شرط للتنمية الاقتصادية بقدر ما هي مشروطة بها، وبالتالي فلا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية بدون أن تواكبها منذ البداية تنمية ثقافية تمهد لها وتساهم في استدامتها والمحافظة على مكتسباتها.

بل يمكن الذهاب إلى أبعد من هذا، دون أن نخشى مبالغة أو إسرافا في القول، لنؤكد أن التنمية لا تكتسب معناها الحقيقي إلا إذا نظر إليها أولا وقبل كل شيء من زاوية هذا البعد الثقافي الذي يجعل منها محصلة التداخل والتكامل، ما بين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بل أيضا محصلة التداخل والتكامل بين ما هو أصيل متجدد وما هو حديث يتأصل في جميع مجالات الحياة.

من هذا المنظور نستطيع أن نقول، إذن، إن التنمية الثقافية هي شرط للتنمية الاجتماعية بقدر ما هي مشروطة بها، وبالتالي فلا يمكن تحقيق تنمية اجتماعية بدون أن تواكبها منذ البداية تنمية ثقافية.

بل إن اتجاه التفكير السائد اليوم، في موضوع "التنمية" وقضاياها، يميل بوضوح إلى إعطاء نوع من الأولوية للتنمية الثقافية، باعتبار أن الاقتصاد نفسه أصبح الآن يعتمد أكثر فأكثر على الفكر والعمل الفكري، ويستغني أكثر فأكثر عن العمل اليدوي، مما يجعل من حصول الشخص على مستوى معين من "النمو الثقافي" شرطا ضروريا لإمكانية مساهمته في التنمية الاقتصادية نفسها.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى لابد أن نلاحظ أن الاتجاه السائد الآن في المجال الإيديولوجي، مجال التنظير للتغيير الاجتماعي، أصبح يعطي هو الآخر مزيدا من الأهمية للعامل الثقافي. فلم تعد الثقافة ينظر إليها اليوم على أنها ليست سوى الانعكاس الإيديولوجي للقاعدة المادية للمجتمع، بل إن اتجاه الفكر الاجتماعي المعاصر يميل بقوة اليوم، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمجتمعات "ما قبل الرأسمالية" وضمنها طبعا المجتمعات "المتخلفة/النامية"، إلى اعتبار الثقافة عنصرا أساسيا في بنية المجتمع ككل، بل العنصر الذي من شأنه أن يلعب دورا محركا، مهما وأساسيا، داخل كيانه)[16]( .

ويعتبِر العديد من المختصين ان تغيير البنية الثقافية للمجتمعات هو المدخل الصحيح الى التنمية، كما ان مفهوم التنمية ليس مرتبطا بالعوامل السياسية والاقتصادية والصناعية وحدها بل بثقافة المجتمع كله.

وقال الناقد العربي الدكتور جابر عصفور، استاذ النقد في جامعة القاهرة في محاضرة بعنوان "الثقافة..التنمية..التغير الاجتماعي" في ندوة "الثقافة والتنمية" اليوم ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي الـ14 ان هناك عدة مفاهيم خاطئة عن التنمية والتقدم حيث يرتبط أول هذه المفاهيم بجعل الاقتصاد العامل الأول للتنمية.

وأوضح ان المفهوم الثاني ارتبط بالتوسع الصناعي وتحويل المجتمع من زراعي الى صناعي اضافة الى مفهوم آخر خاطىء ارتبط بالاصلاح السياسي وتغيير العلاقة بين الحاكم والمحكوم. بحسب (كونا).

وقال عصفور ان عددا من دول العالم الثالث أدركت أن الثقافة، هي المفتاح السحري والدواء الناجع والحل الأمثل لكل أمراض التخلف وعوائق التنمية. موضحا ان هناك ثقافتين تؤثران في التنمية، الأولى ثقافة التقدم التي تدفع بعجلة التنمية والاخرى ثقافة التخلف التي تحيل أحلام التنمية الى كوابيس.

وأضاف ان الثقافة الأولى هي ثقافة الاستنارة التي تعطي الأولية للعقل وتنحاز الى الابتداع على حساب التقليد وتشيع مفهوما موجبا عن الانسان القادر على صنع العالم الذي يحلم به بارادته الخلاقة مختارا فاعلا مريدا دون قيد مفروض عليه.

وذكر ان ثقافة التقدم اذا كانت ثقافة التنوع الخلاق من منظورها الانساني الأوسع فهي ثقافة الحرية والعدل وحق الاختيار والاختلاف وحرية التعبير والتفكير من منظورهما الوطني الأقل شمولا.

وفي شأن الثقافة الأخرى وهي ثقافة التخلف قال عصفور انها العائق الأساسي الفعلي لدفع عجلة التنمية، فهي ثقافة اتكالية اذعانية تقليدية تمييزية معادية للمرأة في الأغلب الأعم ومعادية لحرية الفرد في التفكير والتعبير وحق الاختلاف في كل الأحوال.

واضاف ان الدليل العملي ومن خلال تجارب الأمم أثبت ان تسارع معدلات التنمية ومجالات التقدم مشروطة بثقافة التقدم، في حين أسهمت ثقافة التخلف ولا تزال في عرقلة كل محاولات التنمية في دول العالم الثالث([17]).

الاهتمام الدولي بالثقافة والتنمية:

يرى "محمد فيش"، ان كثيراً من الباحثين الجدد الذين يركزون على أهمية دور الثقافة هم في الغالب من ورثة ماكس ويبر (١٩٥٨( Max Weberالذي فسّر صعود الرأسمالية كظاهرة ثقافية تمتد جذورها إلى الدين. لقد كانت هناك عودة من طرف عدد من علماء الاجتماع إلى فلسفة ويبر، ويطلق هؤلاء على أنفسهم أنصار مدرسة ويبر الجدد، يعتبر "ماكس ويبر" من أوائل علماء الاجتماع الغربيين الذين أثاروا أسئلة نافذة حول العلاقة بين الثقافة والاقتصاد. وانتهى إلى أن الرأسمالية الأوروبية استندت في قيامها الى مجموعة متميزة من المؤسسات ومجموعة خاصة من القيم الثقافية. وفي دراسات لاحقة عن الهند، والصين، والعبرانيين القدماء قدم ويبر حالات مقابلة عن أوضاع لم تكن فيها البيئة المؤسسية أو الثقافيةفي نظره – تناسب أوتساعد على نمو رأسمالية عقلانية)[18](.

و يرجع "جان قهوجي" بداية اهتمام المجتمع لدولي بقضية الثقافة في التنمية، الي مؤتمر اليونسكو في Veniseسنة 1970", الذي ألقي الضوء على العلاقة بين الثقافة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وذكر خطاب" René Maheu" المدير العام لليونسكو في ذلك الحين: “إبتداء من اليوم, حتى علماء الاقتصاد يقرّون بأنّ التنمية إما أن تكون شاملة أو لا تكون. فلم يعد من باب الصدفة أو الاستعارة أن نتكلّم عن التنمية الثقافية كعامل مهم من عوامل التنمية الشامل" )[19](. ومنذ ذلك الحين بدأت المؤتمرات والندوات تخصص لدراسة الثقافة والتنمية، سواء على الصعيد الداخلي لكل دولة أو على صعيد المجموعات الدولية.

"لقد عاد كثير من علماء الاجتماع إلى العوامل الثقافية لتفسير التحديث، والديمقراطية السياسية، وسلوك الأقليات الإثنية، والتقارب والصدام بين البلاد والحضارات المختلفة ولكن ظهرت أيضا حركة مضادة تعارض هذا الاعتماد على التفسيرات الثقافية وتثير كثيرا من الشكوك حولها. ويشتد الجدل الآن في الميدان الأكاديمي بين هؤلاء الذين يرون أن للثقافة نفوذا وتأثيراً أساسياً، ولكنه ليس التأثير الوحيد على السلوك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وهؤلاء الذين يتمسكون بتفسيرات عامة وشاملة كالمتمسكين بمبدأ المنفعة المادية الخاصة بين الاقتصاديين، «والاختيار العقلاني» بين علماء السياسة، وأنصار الواقعية الجديدة بين العلماء المتخصصين في العلاقات الدولية")[20]( .  

وعند نهاية الحرب الباردة، بدت الأيديولوجية أقل أهمية كمبدأ لتنظيم السياسة الخارجية، وبدت الثقافة كمرشح معقول يملأ هذا الفراغ. وعليه فقد انتهى هنتنجتون إلى أن حروب المستقبل سوف تقع "بين أمم وجماعات تنتمي إلى حضارات مختلفة" العالم الذي يراه، هو عالم مقسم إلى "مناطق ثقافية"، تشكلت على أسس ثقافية دينية مازالت قوية حتى يومنا هذا رغم قوى التحديث. المناطق هي: المسيحية الغربية – العالم الأرثوذكسي، العالم الإسلامي، المناطق الكونفوشية، واليابانية، والهندوكية، والإفريقية، وأمريكا اللاتينية. سوف يهيمن الصدام على السياسات العالمية، وستكون خطوط معارك المستقبل عند نقاط الانفصال والتصدع بين هذه الحضارات، مع تركيز خاص على احتمالات الصدام بين الغرب والعالم الإسلامي)[21](.

لقد ركز هنتنجتون على تأثير الثقافة على أنماط الترابط والتصدع والصدام في عالم مابعد الحرب الباردة، وأكدت مجموعات أخرى من المحللين والدارسين على أهمية القيم والمؤسسات الثقافية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وعلاقتها بالأنظمة السياسية، وأثرها على اتخاذ القرارات.

ولكن ظهرت أيضا حركة مضادة تنتقد بشدة التفسيرات الثقافية، وقد اعتبر هنتنجتون ظهور هذا التيار المعارض دليلا على نجاح المدرسة التي تتبنى التفسيرات الثقافية وأعلامها الجدد

استمر الاهتمام الأكاديمي بالموضوع يتزايد في عدد من الجامعات ومؤسسات البحث الغربية، وهو أمر يستحق – في تصورنا – المتابعة والاهتمام. ولعل ما تقوم به جامعة هارفرد في هذا المجال، هو من أهم الأمثلة على ذلك.

وفي صيف عام 1998 قررت أكاديمية هارفارد للدراسات الدولة الإقليمية،
استكشاف الحلقة التي تربط بين الثقافة والسياسة، وبين التطور الاقتصادي
والاجتماعي، وعقدت ندوة عن: “القيم الثقافية والتقدم البشري”، في
الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب والعلوم في كامبريدج/ ماساشوسيت خلال
الفترة من 23 – 25 إبريل/ نيسان عام 1999، وشارك فيها جمهور متميز من
المثقفين . وقد أجمع الباحثون في هذا المجال على العلاقة الوثيقة بين القيم
الثقافية والتنمية البشرية، كما أجمعوا على أن عامل الثقافة في التطور كان
مغفلاً في دراسة التقدم البشري على أهميته. ولكنهم من جهة أخرى أجمعوا على
أن ثقافات الأمم المتخلفة هي السبب في تخلفها، وأنها، حتى تتطور، يجب أن
تقبل ثقافات الأمم الغربية المتطورة)[22]( واشترك هاريسون وهنتنجتون (٢٠٠٠) Harrison and Huntington في تحرير كتاب ضم مجموعة الدراسات التي قدمت في هذه الندوة تحت عنوان:

(Culture Matters: How Values Shape Human Progress)

الإنسان لا يملك أي شيء طبيعي خالص.حتى الوظائف البشرية المرتبطة بالحاجات الفيزيولوجية كالجوع والنوم والرغبة الجنسية وما إلى ذلك، تمليها الثقافة: المجتمعات  لا تقدم تماماً الأجوبة نفسها بالضبط،  على تلك الحاجات.وفي المجالات التي تخلو من الإكراه البيولوجي تقوم الثقافة بتوجيه السلوك. لذا فإن الأمر :"كن طبيعيّاً"،  وهو أمر نوجهه غالباً للأطفال في الأوساط البورجوازية على وجه الخصوص،  يعني في الواقع :" كن متوافقاً مع نموذج الثقافة التي نقلت إليك"([23]).

 ويؤكد تقرير التنمية البشرية لعام 1999 على أن مفاهيم الكفاءة الاقتصادية والأسواق التنافسية على أهميتها ليست كافية لتحقيق التنمية وأصبحت السياسات الاجتماعية أهم اليوم مما كان من قبل من أجل توظيف العولمة لخدمة التنمية البشرية وحماية الناس من تهديداتها الجديدة.

في ندوة نظمت في إطار الدورة (35) للمؤتمر العام لليونسكو(اكتوبر2009م)، وجهت اليونسكو نداءاً الي العالم جاء فيه:*"لقد حان الوقت لإعادة النظر في نهجنا في التنمية إذا أردنا ضمان مستقبل مستدام للأجيال الغد. حتى الآن، الثقافة والتي تعرف بأنها "مجموعة من المميزات، الروحية والمادية والفكرية والملامح العاطفية للمجتمع أولجماعة ما"، شكّلت دائما مصدر إلهام ومصفوفة لجميع التحولات داخل المجتمعات البشرية. ونظرا لأنها ديناميكية بطبيعتها، الثقافة توفر مختلف الفرص المناسبة لتحقيق التنمية . وفي سياق الأزمة العالمية الحالية، الا يمكن للثقافة بما تقدمه لنا من تنوع ثري أن تكون جزءا من الحل لتنمية مستدامة وأكثر إنصافا؟ الا ينبغي أن تتصدر الثقافة قائمة تفكيرناعند البحث عن نماذج للتنمية والتعاون الدولي؟([24])

ولقد طرحت اليونسكو مبادرة عالمية جديدة تحت شعار: "الثقافة جسر للتنمية" خلال انعقاد المؤتمر العام لليونسكو في دورته 36 (أكتوبر ونوفمبر 2011)، وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز النهج الابتكارية والإبداعية التي تعزز الثقافة كجسر للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية المستدامة، وتعزيز أفضل الإبداعات في الصناعات الثقافية والتراث الثقافي بجميع أشكاله كأداة قوية وفريدة من نوعها من أجل التنمية المستدامة الاجتماعية والاقتصادية والتنمية البشرية، وفرص خلق الوظائف التماسك الاجتماعي، والتعليم، والتفاهم المتبادل، وبالتالي جلب اليها فرص جديدة للتعاون الدولي([25])

عقدت في مدينة هانغتشو (الصين) في الفترة من( 15- 17 مايو 2013)، مؤتمر الدولي تحت عنوان: "مفتاح التنمية المستدامة الثقافة". كان هذا هو المؤتمر الدولي الأول الذي يركّز بشكل خاص على الروابط بين الثقافة والتنمية المستدامة منذ انعقاد مؤتمر ستوكهولم في عام (م1998) الذي نظمته اليونسكو. على هذا النحو، قدم المؤتمر أول منتدى عالمي – على الاطلاق- لمناقشة دور الثقافة في التنمية المستدامة "رؤية لبرنامج عمل مابعد عام 2015"*، بمشاركة من المجتمع العالمي وأصحاب المصلحة الدوليين الرئيسيين([26]).

الدراسات السابقة:

اطلع الباحث لاغراض هذه الدراسة علي عدة دراسات سابقة، تناولت علاقة الثقافة بالتنمية كان لها الاثر في بلورة فكرة البحث وساعدت اعطاء معلومات ثرة استفاد منها لباحث في البناء النظري والتحليلي، كما اعطت صورة متكاملة لموضوع ابحث، وفيما يلي هذه تلك الدراسات:

1- دراسة أ. د. عبد الله عبد الدائم (1989)

2- دراسة  الأستاذالدكتور: عزیز العكایشي، أستاذ التعليم العالي قسم اللغة العربية وآدابها(2003)

3- دراسة Kumiko Sakamoto  (2002-2003)

4- دراسة أ.د. حسن مكي محمد أحمد

5- دراسة د. يوسف مختار الأمين كلية الآداب (2003). 

6- دراسة ندوة نظمت في إطار الدورة ( 35( للمؤتمر العام لليونسكو- نوقشت فيها(11) ورقة علمية.(2009)

7- دراسة أ.د. كمال محمد جاه الله الخضر (2012)

8- دراسة د. حسن مسكين (2013)

1- الواقع الثقافي في السودان مدخل تحليلي ورؤية مستقبلية.

ورقة بحثية : أ.د. حسن مكي محمد أحمد

مجلة دراسات أفريقية – العدد 46 http://www.iua.edu.sd/lib/iua_magazine/african_studies/46/003.doc.

( ندوة أسئلة الثقافة في العالم العربي- مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية الدار البيضاء)

تناول فيها الواقع الثقافي في السودان – مدخل تحليلي ورؤية مستقبلية ، وهي تبدأ  بفهم معين لمصطلح الثقافة وعلاقتها بالتنمية من حيث المفهوم، وتستعرض من هو السوداني عبر الخصائص الثقافية والعرقية . وكذلك استعرضت الورقة الخريطة الثقافية والدينية للسودان،وعلاقة ذلك بالصراع بين الشمال والجنوب وكذلك تناولت مستقبل الثقافة في السودان والتي أوضحت أن حركة الثقافة الإسلامية العربية يزداد عودها .

واهم النتائج التي خلصت اليها: أن السكان في السودان هجين من ذوو ثقافات متباينة وتأثرت بالديانات الإبراهيمية . وهي لازالت تقوم علي الولاءات الأولية التي أساسها القبيلة والعشيرة وإن خفف التدين من حدة رابط القبيلة والعشيرة ، يسود فيهم اللسان العربي والإنتماء الإسلامي . تفيد القراءات أن  حركة الثقافة العربية الإسلامية يزداد عودها ويتمدد ويمكن أخذ ذلك من النمو المتزايد . وتنبئ بظهور بؤر التوتر في مناطق التماس أو التداخل الحدودي ما بين الشمال والجنوب وهي الحدود الأوسع لأن طولها  حوالي 1900 كيلومتر أو 42 % سكان الجنوب يتركزون في هذه المنطقة.

التقت الدراسة مع الدراسة الحالية في الخارطة الثقافية للسودان واثر ذلك علي الصراع الاجتماعي وايضا اتفقت معها في  ان حظوظ  الفرد من التمدن والحضارة متفاوتة، فإذا نظرنا في منطقة شمال السودان على سبيل المثال نلاحظ أنه أكثر تمدنا من الوسط والشرق والغرب والجنوب ، وربما كان السبب هنا ارتباط الشمال بالنيل ومن ثم مصر وإلى حد ما ثقافة البحر الأحمر.

وافترقتا في ان الدين قد خفف من حدة رابطة القبيلة والعشيرة، ويؤكد ذلك مقولة مشهورة قالها داود يحي بولاد* لجون قرنق** "ما كنت اعرف ان العرق اقرب للانسان من الدين". وايضا بخصوص الرؤية المستقبلية ركزت علي مستقبل انتشار اللغة العربية والانتماء الاسلامي دون ابداء رؤية شاملة للوضع الاجتماعي ومستقبل الثقافات الاخري وكيفية تحقيق الوحدة الوطنية.

وتنفرد هذه الدراسة الدور الذي يمكن ان تلعبه الثقافة في وحدة المجتمع او تفككه والعوامل التي يمكن ان تؤدي الي ذلك التفكك.


2- المعوقات الاجتماعية والثقافية والنفسية للتنمية في العالم العربي.
(ورقة بحثية مقدمة في الندوة التي عقدها في القاهرة  برنامج الأمم المتحدة في العالم العربي) (من 4 - 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989)
حول «آفاق استمرارية التنمية في التسعينات ودور برنامج الأمم المتحدة في العالم العربي»
إعـداد: أ. د. عبد الله عبد الدائم

موضوعات البحث:
في مدخل الدراسة صور لنا الباحث نظرة مبدئية: البعد الثقافي للتنمية، ومن ثم تناول المصطلحات وتوضيحها، كمت حدد المنطلقات أساسية للدراسة وفقا للاتي :
1- ضرورة الانطلاق، في عمليات التنمية، من البنية الثقافية الاجتماعية للبلد المعني.
2- تاريخ التنمية الاقتصادية في العالم وتطور النظريات الاقتصادية في التنمية نحو تأكيد العناية بالعوامل الثقافية.
3- ربط التنمية بالتنمية الذاتية الأصيلة للشعوب.
4- توفير عنصر المشاركة الشعبية في عملية التنمية وارتباط ذلك بالعناية بالعوامل الثقافية.
5- الدور المعوّق للعوامل الثقافية والاجتماعية في التنمية ووسائل مغالبته.
6- التنمية ليست عملية مفاجئة، بل عملية تطور ثقافي حضاري شامل وطويل.
كما ابدي ما اسماه بالتحفظات والإيضاحات حول المنطلقات الأساسية وعددها فيما يلي:
1- مخاطر المغالاة في مفهوم "التنمية المستقلة".
2- الانطلاق من الثقافة ينبغي ألا يحمل معنى سكونيا جامدا.
3- التنمية الثقافية الذاتية ينبغي أن تكون هماً مشتركاً بين الدول النامية والدول المتقدمة.
واما في عرضه لموضوع الثقافة والتنمية في الوطن العربي، عدد المعوقات الثقافية الاجتماعية للتنمية:
- المعوقات الثقافية الاجتماعية البنيوية (العائلة – البداوة والريف والحضر – البنية الطبقية).
- المعوقات الثقافية الفكرية (النظرة إلى العمل اليدوي والمهني – المواقف السلبية تجاه استخدام التكنولوجيا الحديثة – النظرة إلى المرآة وعملها الموقف من التنظيم الإداري الحديث – الخ...)
كما نجد انه حدد ما اسماه بالمحركات الثقافية للتنمية في الوطن العربي: القيم الثقافية العربية وتحديثها.
وفي التوصيات:
- ضرورة توفير الشروط اللازمة لتحقيق الثورة العلمية التكنولوجية من خلال الجهد الذاتي والثقافة الذاتية لأبناء البلاد العربية.
- ضرورة توفير المناخ الروحي اللازم لتحقيق هذه الثورة، عن طريق تعبئة الإدارة المشتركة لأبناء البلاد العربية من أجل بناء المشروع الحضاري العربي.

تتطابق رؤية الدراستان في البعد الثقافي للتنمية وايضا فيما صاغته من المعوقات الثقافية الاجتماعية والثقافية الفكرية للتنمية الاجتماعية،وفي الدعوة الي التنمية الذاتية لانها لابد ستنطلق من الثقافة .

تختلف الدراستان بخصوص التوصية بضرورة توفير الشروط اللازمة لتحقيق الثورة العلمية التكنولوجية من خلال الجهد الذاتي والثقافة، لان تحقيق ثورة علمية تكنولوجية يعني البحث عن مصادر تمويل ومعونات خارجية (مادية وفنية ) مما يكرًس للتبعية التي يري كثيرا من المنظرين انها من اسباب تخلف العالم الثالث،وايضا يمكن ان تُفهم علي اساس انها دعوة للتحديث اوالغربنة( westernization).

وتنفرد الدراسة عن السابقة في انها تري ان المقياس الحقيقي للوقوف علي مدي ما تحقق من تنمية اجتماعية هو قدرة المجتمع علي تلبية حاجاته الاساسية وتوفر الاليات الذاتية التي تعمل علي وقاية المجتمع من التفكك في اطار التنوع.

3-الموروث الثقافي السـوداني تحديات الوحدة الوطنية والانتماء الإقليمي

د. يوسف مختار الأمين كلية الآداب - جامعة الملك سعود - الرياض

بحث قدم في ندوة "العالم العربي وأفريقيا: تحديات الحاضر والمستقبل" الرباط 15 – 17 أكتوبر 2003 م.

حاولت الورقة الاقتراب من قضايا الوحدة الوطنية ومعوقاتها المتمثلة في الصراعات الاثنية والثقافية وذلك من مدخل الموروث الثقافي. ويقصد بالموروث الثقافي كل المنتج الثقافي المادي وغير المادي منذ أقدم العصور حتى الوقت الراهن باعتبار أنه المحيط الذى فيه تشكلّت الهُويَّة السودانية وفيه تتفاعل تحولاتها الدينامية. إن تناول قضية الوحدة الوطنية وعلاقات الانتماء الإقليمي يمكن تناولها من منطلقات مختلفة بمناهج وأطر نظرية متنوعة. و إمكانية تحليل الأوضاع الحالية انطلاقاً من الموروث المادي الذى يشمل كل ما تركته لنا مجتمعات العصور القديمة من مخلفات أثرية على مر العصور. كما يشمل كل التراث الشعبي من حرف ومنتجات محلية. وذهبت الي إن دراسة الثقافة المادية ببعديها التاريخي والتراثي، من مهام علم الآثار ، إذ هي تشكل مصدراً أساسياً إن لم يكن وحيدًا لمعرفة التاريخ الثقافي للأمم. وينطلق البحث أيضًا من فكرة أهمية مراجعة التاريخ الثقافي السوداني (Culture History) منذ أقدم عصوره واستدعائه من أجل صوغ مفاهيم جديدة تشكل إطاراً موضوعياً لاستيعاب تعقيدات القضايا الملحة الآن في السودان واقتراح حلول مناسبة لها. فالموروث الثقافي المادي يمكن الاستفادة منه إيجاباً كما حدث في تجارب شعوب وبلدان أخرى في تدعيم ركائز الوحدة الوطنية. ويتم ذلك بالبحث عن المشترك بين فئات المجتمع وإبراز ما يدعم مبادئ التسامح والسلم الاجتماعي خاصة في حالات التعدد الاثني والثقافي في البلد الواحد. وقراءة التاريخ الثقافي في بلد مثل السودان، بشكل متوازن تؤهله لإيجاد مناخات جيدة لتأسيس علاقات إقليمية أكثر إيجابية وفائدة لكل الأطراف. لا تتوقف أهمية التراث المادي كما جاء في هذا السياق عند مرجعيتها وأهميتها التاريخية وإنما تمتد إلى كشف معالم الاستمرارية والتغير في الأنظمة الثقافية. فالتاريخ الثقافي المعروف في شمال البلاد ووسطها يتعاقب في حلقات متصلة منذ العصور الحجرية حتى العصر الإسلامي وذلك مع وجود فترات تحدث فيها تحولات حضارية عميقة تشمل معظم جوانب الحياة الفكرية والمادية ولكنها بدرجات متفاوتة. تنبه لمثل هذه النقطة كثيرون منهم من هو غيرمتخصص في مجالات الدراسات الحضارية. فحليم اليازجي عند دراسته للحركة الأدبية في السودان خلال فترة تزيد عن ثلاثمائة عام يقول: "... فبان لنا مدى الترابط القائم بين هذا الأدب وواقعه البيئي وأحداث تاريخه وكثيرًا ما كان انعكاسًا مباشراً لهذا التاريخ وتلك البيئات... فالماضي السوداني بكل ما استوعبه من تجربة يقتحم أبواب الحاضر في تداخل عفوي أو مقصود

 

وخلص من ذلك إلى القول بأن الموروث المادي القديم والتراثي هو الأكثر قابلية، ضمن مجالات أخرى للبحث فيه عن المشترك بين فئات المجتمع في الماضي والحاضر ومن ثم تأويله لخدمة قضايا الهُويًّة والوحدة الوطنية.

القراءة التاريخية للموروث الثقافي تلتقي مع الدراسة الحالية في اهميتها ودورها في الوصول الي حقائق علمية عن السلوك الاجتماعي للمجتمع وآلياته في التعاطي مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تطرأ عليه، وكذلك رؤيته للعلاقة مع الاخر، وكيف تكونت وتشكًلت الهوية الثقافية لمجتمع ما.

وجه الاختلاف في لم تقدم لنا لدراسة المشترك بين فئات المجتمع في الماضي ولا الحاضر، كما انه اقتصر في تحليله الثقافي علي المجتمعات النيلية دون ان يطي صورة واضحة لبقية القطر.

لذلك تنفرد هذه الدراسة في انها تبحث عن العوامل المشتركة في الثقافة السودانية بين مجتمعاته المشتركة، وبالرغم من وجود تلك العوامل، الا ان هناك عوامل اخري حالت دون تحقيق الوحدة المنشودة.

4-الحوار مع الآخر ، بین ثقافة في عصر الھامش وثقافة المركزالعولمة

الأستاذالدكتور: عزیز العكایشي، أستاذ التعليم العالي قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة منتوري قسنطينة ، الجزائر    http://umc.edu.dz/vf/images/revue-langue/08%20%20.pdf

البحث يحاول أن يفتح نقاشا حول ثقافة الحوار بين الأنا والآخر،بين الأنا الذي يبحث عن خصوصيته الثقافية والحضارية، ولكنه محاصر في الوقت نفسه، بفضاء لايعترف له بحق الاختلاف والخصوصية، وبين الرغبة في الانفتاح على الآخر، والخوف من فقدان الهوية والسقوط في خطإ التبعية والوصاية، تعود العلاقة مع الآخر إلى الواجهة النقدية من جديد.و معها يعودالقلق الحضاري، القلق على الذات، والقلق من المستقبل، والقلق من الحداثة واللاحداثة، والقلق من المنهج واللامنهج، ومن العولمة واللاعولمة، الحوار مع الآخر ، بين ثقافة الهامش وثقافة المركز في عصر العولمة والقلق من الأصالة والمعاصرة، وبالنتيجة، صار الحوار مع الآخر منتوجا ثقافيا قابلا للتداول والاستثمار مفروضا ومرفوضا في الوقت نفسه. وتحت تأثير نظرية التفوق للآخر، سوقت إلينا ثقافة الهامش وثقافة المركز في الكتابات الثقافية الغربية،كقاعدة للحوار الثقافي والحضاري ،، فوقعنا للأسف في خطإ إعادة صناعتها وتسويقها من جديد، وبالتالي حافظنا على الأطروحة المسوقة نفسها،في كتاباتنا الثقافية والإبداعية. وكان من نتائج هذه الثنائية التصادمية الحضارية المرسومة للآخر، أن برز خطاب ثقافي، نبت جزء منه خارج منظومة الأنا، وكان منجذبا أكثر إلى الآخر الغرب منه إلى الأنا،الذات، فنشأت المفارقة مع الآخرمن خارج الأنا الذات، أى من داخل الآخر الغرب، فوقع التحالف بين الأنا الآخر، والآخر الغرب، تحالف تم التوقيع عليه تحت تأثير ثقافة الهيمنة ومركزية الحوار وتقويض ثقافة الهامش. وفي غياب ثقافة التكافؤ والشراكة والتعايش مع الآخر، ترسخت في معظم كتاباتنا صورة الآخر الأقوى دائما،على الرغم من الحضور الثقافي العربي والإسلامي الذي يسعى لتفكيك نظرية االتفوق الأحادي للآخر(ثقافة المركز وثقافة الهامش) وإعادة بناء قاعدة جديدة للحوار تؤمن بأطروحة التنوع والتعايش والتواصل الحضاري في إطار الوحدة  بعيدا عن ثقافة الهيمنة والصراع. ولقد تناول البحث الموضوع من عدة زوايا:

أولا: واقع الحوار مع الآخر في عصر العولمة     
 ثانيا: صدمة الآخر في التلقي العربي المعاصر

ثالثا: صورة الآخر في التلقي الغربي والعربي الإسلامي 
   رابعا: سوسيولوجيا الحوار مع الآخر :

وخلص الي أن الحوار الثقافي السوسيولوجي الغربي بشكل عام ، يسير في اتجاه عولمة البنية الحضارية السوسيولوجية، ومركزتها، في حين التلقي السوسيولوجي العربي الإسلامي للحوار، يسير في الإتجاه المعاكس، تحت ضغط الانبهار والرغبة في ا لاكتشاف والاطلاع فقط من خلال الإستعارة للإنتاجات السوسيولوجية الغربية المصنعةوفقا لقانون المركز والهامش في إدارة الحوار الحضاري بين الأنا والآخر ، ويبقي زمن الإنتاج السوسيولوجي الذاتي الحقيقي للحوار عندنا مؤجلا إلى إشعار آخر ..

قدمت لنا هذه الدراسة صورة واضحة عن الصراع الثقافي، تتطابق مع والواقع الاجتماعي في ادراة الصراع الثقافي ، وخطورة ممارسة الاقصاء الثقافي او محاولة فرض ثقافة بعينها علي حساب الثقافة الوجودة اصلا او محلولة اسقاطها في عملية البناء الاجتماعي للكيان الموحد.

5- مكونات الثقافة في السودان، هل من دور في أزماته؟ مع إشارة خاصة لأزمة دارفور

أ.د. كمال محمد جاه الله الخضر

قراءات افريقية ثقافية فصلية محكمة متخصصة في شؤون القارة  إلفريقية تصدر عن المنتدى إلاسلامي

العدد الثالث عشر رجب - رمضان 1433هـ ، يوليو - سبتمبر 2012 http://books.islamway.net/1/13.pdf

  تناول الثقافة بمكوناتها الثلاثة(العنصر"القبيلة"، واللغة، والدين) كموضوع اساسي من موضوعات الأنثروبولوجيا الثقافية، التي تهتم بالثقافات الإنسانية، وبطرق وأساليب الحياة في الثقافات المعاصرة أو المندثرة.وافترض ان الثقافة إذا كانت في أبسط صورة تعني "أساليب وطرق الحياة"، فإن التعبير عن تلك الأساليب والطرق يضحى أمرا يوافق أو يتعارض مع الآخر؛ مما يترتب على ذلك إما تعايش وتساكن أو تنافر واحتراب.

 وسعت الورقة إلى التعرف على الدور المتوقع لمكونات الثقافة الثلاثة في السودان المتأزم في بعض أقاليمه، غير أن الورقة تولي عناية خاصة الدور المتوقع لهذه المكونات في أزمة دارفور، التي انتظمت هذا الإقليم السوداني منذ أبريل 2003م. وتطرح سؤالا مفاده هل تمثل هذه المكونات عنصر تعايش وانسجام أم تنافر واختلاف؟

ثم تناول مكونات الثقافة في دارفور ودورها في ازماته:القبيلة في دارفور: استعراض في المكون القبلي لدارفور وقسم القبائل من حيث النشاط الاقتصادي، الي رعاة الابل والغنم في الشمال والمزارعون في الوسط ورعاة البقر في الجنوب وذكر ان تاغلبة هنا للقبائل العربية(ويسمون إجمالاً بالبقّارة ).

 الدين واللغة:

1-  السلوك تجاه اللغة والثقافة في دارفور. وخلاصة القول في هذا المجال أن الغالبية العظمى من الجماعات الإثنية في دارفور لا ترى غضاضة في تبني الثقافة العربية، والثقافة الإسلامية، واللغة العربية. والدليل على ذلك أن منطقة دارفور تقف على رأس قائمة مناطق السودان التي شهدت انقراضا للغات، وبالتالي انقراضا لثقافات.

2-  العامل الديني. وخلاصة القول في هذا المجال أن الدين الإسلامي والثقافة المرتبطة به قللت من الجانب السلبي للانحياز للخصوصية اللغوية والثقافية والعرقية، كما أن الدين لم يقف موقفا حادا مع الأعراف السائدة في الإقليم، بل تكاملا معا لمزيد من التعايش. ، فإن عملية تلاقح الإسلام والأعراف المحلية( في دارفور ) يسرت بقاء الجانبين في تركيب المجتمع، دون اصطدام، أو تعارض صارم.

      وخلص إلى نقطتين مهمتين، هما:

   أولا: يتضح أن مكونات الثقافة في دارفور لم تقم بأيّ دور في مضمار أسباب الصراعات والنزاعات التاريخية التي مرّت بالإقليم. وينطبق هذا القول على الأزمة الحالية التي تضرب الإقليم بشدة، على الرغم من أن بعض الحركات المسلحة التي تناهض الحكومة، تتسم بالصبغة القبلية. ولو قدّر لهذه المكونات أن تكون من جملة أسباب هذه الأزمة، لقضت على الأخضر واليابس في هذا الإقليم الذي تتمتع فيه القبيلة بأعلى سلطة في مجتمعاته. ويفهم من ذلك أن مكونات الثقافة إما تقف موقف الحياد مما يجري في الإقليم، أوتدعم التعايش فيه، وهي أقرب إلى الحال الأخير، وفي كلّ خير.

   ثانيا: تلتقي مكونات الثقافة لتشرب من بحر الإسلام وثقافته، فانجلى ذلك عن ثقافة إسلامية(دارفورية الطابع) منسجمة مع الأعراف المحلية، وهي ثقافة شارك في صنعها الجميع، ثقافة تدعو للتعايش بمعناه الواسع، الذي يحد من الصراع، ويروض الخلاف، بعد أن هذبت تلك الثقافة الخصوصية الدارفورية من الانحياز السلبي للعرق واللغة والدين. واستطاعت الخصوصية الدارفورية، عبر العصور، أن يكون لها طريقتها الخاصة في آليات فض التزاع من الأجاويد وغيرهم. وكل هذا يدعم عملية التعايش في الإقليم. كما أن هذه المكونات اكتسبت عبر التاريخ المتصل، والتجارب الواقعية، أنماطا معينة من ثقافة الندية، دعمتها عملية التزاوج المفضي للانصهار، فهيأت بيئة قوامها التعايش الذي لا يعكر صفوه إلا النزاعات، التي تنشب من حين لآخر لتبدأ مسيرة جديدة للتعايش في الإقليم.

      ولكن نلاحظ انه اورد فيما يتعلق بالأزمة الحالية في دارفور، التي يمرّ بها الإقليم منذ عام 2003،  أرجع أسبابها إلى:

1-   الصراع المستمر والمتطور بين القبائل على الموارد الطبيعية الشحيحة.

2-   محاولة امتلاك الأرض والحواكير.

3-   تمسك وإصرار بعض قبائل دارفور ذات الأرض بالانفراد الكامل بملكية الأرض، وعدم السماح بمشاركة آخرين.

4-   تسييس هذه الصراعات، واستغلالها للوصول إلى كراسي الحكم، وتحقيق بعض المكاسب الشخصية.

5-   انفتاح الحدود بين دارفور وتشاد، والتداخل القبلي الكبير بينهما، والانتشار الكبير لحملة الجنسية المزدوجة.

تلتقي الدراستان في المكون القبلي والثقافي لدارفور وبعض اسباب الازمة ذات البعد الثقافي في الصراع القائم(الخمسة اسباب التي اوردها هي ذات بعد ثقافي ).

واوجه الخلاف في الخلاصة التي خرج بها والتي نفى فيها وجود علاقة بين المكون الثقافي والوضع القائم، ثم ذهب في تلخيصه لاسباب النزاع الي نفس المكون الذي نفي علاقته بالصراع، فالحواكير ذات قيمة معنوية غير مادية، وايضا عدم قبول اشراك الاخر في المساكنة واستخدام الارض لاسباب عرقية.وايضا تاكيده علي تجدد الصراعات القبلية من حين لاخر يؤكد وجهة النظر القائلة بهاشة النظام الاجتماعي في دارفور.

وتنفرد هذه الدراسة في سعيها للوقوف علي العوامل الثقافية ذت الاثر السالب علي التعايش السلمي وممسكات الوحدة الوطنية، وايجاد طرق ومناهج للتعاطي معها.

6-الكتاب: أزمة النخب العربية ـ الثقافة والتنمية
المؤلّف: د. حسن مسكين
الناشر: إصدار خاص ـ بيروت 2013
د. حسن مسكين يبحث في أسباب التخلف الثقافي والتنموي للدول العربية، وعن السبل الكفيلة بإصلاح الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية، على مستوى النظر إلى العالم وإلى الواقع العربي والالتفات نحو المستقبل الذي ينتظر  النهوض من حالة النوم العميق الذي تعاني منها الدول العربية حسب رايه.
يستهل د.مسكين كتابه بالحديث عن الإشكال الذي تعيشه  البلدان العربية والإسلامية والذي يتجلى في التباين القائم بين الرصيد الثقافي الحضاري الذي تملكه، وبين إمكانية الإضافة إليه من إنتاج يدفع باتجاه الخلق والإبداع بدل الاجترار والإنشاد الفارغ مقارنة ببعض الشعوب التي حققت نتائج عظيمة في استثمار رصيدها ومخزونها المعرفي. فالمؤلف يرى أن التنمية في والوطن العربي بطيئة إذا ما قورنت بالتنمية في أقطار العالم الأخرى، سواء من خلال معدل نمو الدخل الفردي، أم مؤشر الإنتاجية، أم معدل الدخل الوطني العام، أم عدد الأميين،… وغيرها من المؤشرات التي توضح الإحصائيات أن هذه الدول بعيدة كل البعد عن باقي دول العالم الأخرى
يعرف الدكتور حسن مسكين الثقافة بأنها ذلك ‘النتاج الذي ينتظم جماع السمات المميزة للأمة، من مادية وروحية وفكرية وفنية ووجدانية، وتشمل مجموعة من المعارف والقيم والالتزامات الأخلاقية المستقرة فيها وطرائق التفكير والإبداع الجمالي والفني والمعرفي والتقني وسبل السلوك والتصرف والتغيير، وطراز الحياة. كما تشمل أخيراً تطلعات الإنسان للمثل العليا، ومحاولته إعادة النظر في منجزاته والبحث الدائم عن مدلولات جديدة لحياته وقيمه ومستقبله، وإيداع كل ما يتفوق به على ذاته’. فالثقافة هي ممتلكات الأمة حين الانخراط في عملية البناء الحضاري لإثبات الذات في مسيرة النماء الإنسانية المتسمة بسمة العلم النافع الخلاق والمعرفة النيرة .


وإذا كان هذا هو مفهوم الثقافة بصفة عامة، فإن مفهوم التنمية عند المؤلف، يستند إلى شموليتها وقيامها على شرط الحرية والمعرفة ودعمهما في عملية دائمة وجدلية بينها وبين كل المجالات التي تقوم عليها حياة الأمة واستمرارها منتجة ومبدعة. فهي لم تعدْ مرتبطة بمستوى الدخل الفردي أو بمستوى ارتفاع الناتج السنوي القومي فقط، بل بالمستوى المعرفي والثقافي والصحي والاجتماعي والديمقراطي لأي أمة، لتحقيق مشاريع وتصورات وأفكار حرة ومسئولة في ظل دعم قوي لمثقفيها لمواصلة الإنجاز الذي يؤدي إلى تطوير شعوبها وضمان مشاركتهم في بناء نهضة أمتهم. فالتطور الهائل في مجالات النظم المعلوماتية والتواصلية ومجالات أخرى مرتبطة بالسياسة والاقتصاد أفرز مفهوماً جديداً للتنمية يتجاوز مفهومها السابق.

ثم تناول  الأزمة الحاصلة في العلاقة بين المثقف والسياسة ونخبها، وكيف انها تخلق توتراً وصراعاً في غنىً عنه، وفي ظل عدم وعيٍ سليمٍ بدور كل منهما في المجتمع. فرغم مساهمة المثقف العربي الكبيرة في السياسة والتنظير لها فإنه سرعان ما ابتعد عنها وانزوى إلى ركن بعيد مؤثراً السلامة والراحة. ويعتبر الدكتور’حسن مسكين أن الطريق إلى إعادة المياه إلى مجاريها وتحقيق توافق وتكامل حقيقي بينهما، يسمح بإنتاج معرفة خصبة تساهم فيها كل الأطراف، يمر عبر البعد عن النظرة الذاتية الضيقة للسياسيين أو الانتهازية الواضحة أو المبطنة لكثير من المثقفين، وتغيير رؤيتهم وسلوكهم تجاه القضايا المصيرية للأمة .


وتناول ما اسماه التوظيف المسرف للإيديولوجيات للنخب العربية المثقفة بكل توجهاتها اليمينية واليسارية والوسطية، سبباً في إخضاع شعوبها، وتدجينها لتكون في كل المجالات تابعة، مسيرة باسم ما تعتبره هذه الاتجاهات سلطة النخبة التي تملك الحق في الزعامة والقيادة، والتوجيه من أجل إبعاد الشعوب عن المشاركة في بناء المجتمع وإصلاح أحواله. كل هذا أدى إلى اختفاء وتبخر الشعارات اللامعة التي كانت تنادي بها هذه التيارات المدعية للدمقراطية والحرية والعدالة، لأنها بكل بساطة بعيدة عن الممارسة داخل تنظيماتها الحزبية والجمعوية وبرامجها السياسية.
وذكر إن الأمن الثقافي والاعتماد على الذات من الجوانب التي تساهم في خدمة التنمية الشاملة، وذلك بخلق قاعدة علمية وتكنولوجية وطنية وقومية، تتفوق على عقلية الاستهلاك وتكريس التخلف والتبعية. وقد حدد الدكتور حسن مسكين الأسباب الحقيقية والمعوقات الأساسية التي تحول دون قيام تنمية في البلدان العربية، فيما يلي :


1_ تميز سياسات التنمية بتوجه واضح نحو مشاريع استهلاكية غير منتجة، والإنفاق العسكري غير المجدي، وذلك خلال مرحلة السبعينات والثمانينات من القرن العشرين بالخصوص .
2_ اعتماد خطط التنمية على تبادل السلع التجارية (النفط، الغاز، وبعض المعادن) .
3_ عدم ظهور أي تكتلات اقتصادية عربية قادرة على منافسة الرأسمال الاحتكاري .
4_ القيام على بيع المواد الأولية تبعاً لتقلبات السوق العالمية بالدرجة الأولى .
5_ الاعتماد على قوى بشرية غير وطنية وغير عربية في مجال الاقتصاد والتنمية .
6_ إنجاز معظم خطط التنمية في العالم العربي بحماية قواعد عسكرية أجنبية ذات أطماع استعمارية للسيطرة على الموارد الطبيعية الكبيرة.


بالرغم من ايمان الكاتب بالبعد الثقافي للتنمية الا انه تناول الموضع من زاوية ثقافة النخب، وسعيهم الي توظيف معارفهم في تحقيق مصالحهم الضيقة والتي تمكنهم من دوام السيطرة علي الموارد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلد.ولكنه ايضا افاد الدراسة في مايختص بضرورة بط الثقافة بالتنمية، والبحث عن آليات تفكيك ثقافة التخب التي لاتتماشي مع التنمية الشاملة وتكرًس لمصالح الذاتية.

والتباين بين الكتاب والدراسة في ان الكتاب ركز علي دور النخب السياسية والمثقًفين فقط في توجيه دفة التنمية، بينما ترى الدراسة ان للمحليين والقيادات التقليدية دور اساسي في نجاح اي خطة تنموية.وايضا كان تركيز الكاتب علي التنمية الاقتصادية، واثبتت لدراسات انها لاتحقق التنمية الشاملة،بل الانطلاق من الذات.

Social Development, Culture,and Participation: Toward theorizing endogenous development in Tanzania

7-الثقافة، والمشاركة و التنمية الاجتماعية، نحو نظرية للتنمية المحلية في تنزانيا

قدمت هذه  الأطروحة لنيل درجة الدكتوراه في كلية الدراسات العليا للدراسات الآسيوية والمحيط الهادئ

جامعة واسيدا (أكتوبر 2002 أبريل 2003 ) Kumiko Sakamoto

هدفت  الأطروحة الي وضع نظرية للتنمية الذاتية من خلال إعادة تصور دور الثقافة  في التنمية وادراك اهمية مشاركة  المنظمات المختلفة في سياق التنمية. تنزانيا التي سعت  إلى المواءمة بين  الثقافة والتنمية من خلال مفهوم Ujamaa*، ولكن كانت هناك صراعات بين الثقافة والتنمية في سياساتها من أعلى إلى أسفل وعلاوة على ذلك، ينظر إلى الثقافة  بوصفها أداة - إما عقبة أو ميسر- للتنمية . ووجهة النظر البديلة المقترحة في هذه الأطروحة هو الاعتراف بالثقافة بوصفها أساس التنمية: فالصراع بين الثقافة والتنمية يعكسه الموقف غير للايجابي للمجتمع المحلي تجاه عمليات التنمية، والمواءمة بين ثقافة والتنمية تقود الي تحقيقق التنمية الذاتية(الفصل 1)

جاءت  دراسة حالة تنزانيا لتؤكدأن الثقافة المحلية ذات علاقة عضوية  بالنظم البيئية ، و العمليات الاجتماعية التاريخية، ومعتمدة علي المؤسسات المحلية للمجتمع (الفصل 2)

وفي الفصل الثالث بين كيف نشأت الثقافة السواحلية باعتبارها ناتجة عن تفاعل الثقافة العربية  والافريقية علي طول الطريق الساحلي للقوافل، وقد قام الاحتلال بتجميد الثقافة المحلية ، لذلك قامت الثقافة المحلية في تنزانيا علي مبادئ ujamaa  مما اتاح مناخ ملائم لتعدد الهويات الثقافية  والطبقات الاجتماعية .وبين ان تقييم التنمية الاجتماعية في تنزانيا في اطارها الشامل حديثا تشير الي ضرورة وضع المكون الثقافي المحلي كاساس للتنمية الاجتماعية(الفصل الثالث).

أشار تحليل السلاسل الزمنية أن كلا  من السياسات  التي تقودها الدولة (Ujamaa)، والتي يقودها السوق (التكيف الهيكلي) كانت جديدة وغريبة عن المجتمع، فبالتالي لم تتحقق التنمية الاجتماعية ولم تستمر.كما اشار تحليل الفوارق الجغرافية الي التاثير المباشرللعوامل الخارجية في تخلف المجتمع.لذلك تقترح الاطروحة وضع اعتبار لراي السكان المحليين كشرط اساسي لتحقيق التنمية .

وخلصت الدراسة الي :

ان المشكلة تكمن في  الاعتقاد السائد تاريخيا بان الثقافة المحلية حجر عثرة امام التنمية الاجتماعية، وعلي هذا الاساس يجب اعادة تصور دور الثقافة في التنمية ولايمكن ان يتم ذلك الا بتوفر شرطين اساسيين :

الاول: الايمان بدور الثقافة المحلية كاساس لتحقيق التنمية

الثاني: المؤسسات التقليدية والنظم البيئية والبنية التاريخية للمجتمع يجب ان تفهم كاساس لخلق الثقافة، التفاعل التاريخي بين البنية الاجتماعية والظروف البيئية والمؤسسات التقليدية هي عوامل معقدة تتشكل من خلالها الثقافة وتتحقق التنمية الاجتماعية انطلاقا من القدرات الذاتية .

المشكلة الثانية غياب اوالمشاركة غير الفعًالة للمؤسسات التقليدية في عملية التنمية من خلال تحليل النتائج ظهر هناك شرطين اضافيين لابد من توفرهما لتحقيق عملية التنمية الذاتية:

الثالث: ضرورةمشاركة المحليين في عملية التنمية، فالتنمية الاجتماعية لايمكن تحقيقها عبر التخطيط من اعلي الي اسفل.( through top-down processes)

رابعا الحوار المفتوح بين كل مكونات المجتمع الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والقيادات التقليدية وكافة شرائح المجتمع بما في ذلك الشباب والمراة والشيوخ، ضروري للعمل المشترك من اجل التنمية الزاتية .

 

Culture and development: A response to the challenges of the future?

A symposium organized within the framework of the 35th session of the General Conference of UNESCO in collaboration with Sciences Po and with the support of the Government of the Kingdom of Spain Sciences Po, Paris, 10 October 2009

الثقافة والتنمية: استجابة لتحديات المستقبل؟

ندوة نظمت في إطار الدورة ) 35(للمؤتمر العام لليونسكو بالتعاون مع معهد العلوم السياسية وبدعم من حكومة مملكة اسبانيا

معهد العلوم السياسية، باريس، 10 أكتوبر 2009

جاء في برنامج الندوة ان الوقت قد حان لإعادة النظر في نمازج ومداخل التنمية إذا كنا نريد ضمان مستقبل مستدام للأجيال الغد. والثقافة، التي تعرف بأنها "مجموعة من المميزات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية للمجتمع أو اي مجموعة اجتماعية" شكلت دائما مصدر إلهام ومصفوفة لجميع التحولات في المجتمعات البشرية. نظرا لأنها ديناميكية بطبيعتها، والثقافة توفر مختلف الفرص  المتنوعة والمناسبة والاكثر انصافا. في سياق الأزمة العالمية الحالية. ولا ينبغي لنا ألتحرك دون ان تكون الثقافة في مقدمة تفكيرنا ونحن نبحث عن  نماذج للتنمية والتعاون الدولي.

قدمت في يهذه الندوة (11) ورقة تمثل روؤي وتجارب وبحوث لمجموعة من الباحثين والمختصين والمهتين بقضايا التنمية في انحاء العالم، وتم تداول هذه الاوراق من خلال مائدتين مستديرتين :

المائدة الاولي لمناقشة الفرضية الاتية: "التنمية من خلال ثقافة، ممكن!"  “Development through culture, it works!”

علي هذه المائدة قدمت (6) اوراق للاجابة علي الاسئلة الاتية:

1-    كيف يمكن للثقافة، في أوسع معانيها، أن تكون متكاملة على نحو أكثر فعالية في برامج التنمية المحلية والوطنية والإقليمية؟ ما هي العقبات؟

2-    ماهي التدابير التي ينبغي اتخاذها لتعزيز شراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز التنمية من خلال الثقافة؟ وهل  يجب التوفيق بين الأمور المالية الثقافة؟

3-    تثقيف ورفع الوعي بدور الثقافة في القطاعين العام والخاص : كيف وبأي وسائل؟

4-    هل من تحقيق التنمية  دون تدمير  التراث الثقافي المهين؟

5-     ماهي مؤشرات قياس الأداء الفعلي التنمية من خلال الثقافة؟

6-    هل لمدخل "التنمية والثقافة" حوافز ثقافية  قابلة للقياس؟

7-    هل احترام التنوع الثقافي  من خلال الحوار بين الثقافات عاملا من عوامل النمو الاقتصادي؟

وقد جاء الرد علي هذه الاسئلة في مناقشة الاوراق التالية :

الورقة الاولي: تحت عنوان " التنمية من خلال ثقافة، كيف يمكن أن تعمل؟ ترجمة المفاهيم إلى سياسات واجراءات"

قدمها، Nina Obuljen وزير الدولة للثقافة والإعلام، كرواتيا

جاء في ورقته انه و لثلاثة عقود على الأقل كان موضوع الثقافة والتنمية واحدة من العناصر الرئيسية للسياسات الثقافية في جميع أنحاء العالم. تقاريراليونسكو عن الثقافة والتنمية مستوحاة من الباحثين والمثقفين فضلا عن واضعي السياسات والفاعلين الثقافيين للبحث عن أدوات سياسة جديدة من أجل ضمان موقف كاف من الثقافة في استراتيجيات وسياسات التنمية الشاملة. وذكر ان السؤال الذي يجب الاجابة عليه في هذا المقام اين نحن بعد (15)عام من نشر اول تقرير لليونسكو بهذا الصدد؟

ثم تناول اهمية التنمية والتي تناقش علي اعلي المستويات السياسية في العالم حتي اصبحت الاطار الذي صممت عليه الهداف الانمائية للالفية الثالثة (MDGs)، واكد ان بدون سياسات تنموية ومشروعات استثمارية لايمكن ان نتحدث عن استقرار عالمي ومواجهة تحديات اليوم كالاحتباس الحراري ، الفقر، الجوع، الطاقة ،الارهاب، والامراض الفتاكة وغيرها، وبالرغم من ان الثقافة والتنمية الثقافية لم تدرج في اهداف الانمائية للالفية الثالثة (MDGs) الاانها صعدت فوق الاجندة العالمية للتنمية.وتناولت الورقة الازمة العالمية الاقتصادية والتقيرات التي صاحبتها وانعكاسها علي الاقتصاديات النامية والاقتصاديات الهشة، واشارت ان معظم الدول المانحة اصبحت تعاني من مشاكل اقتصادية ، مما ادي الي تراجع المساعدات الدولية ـوارجع ذلك ندرة الموارد الثقافية.وبالرغم من كل هذ المعاناة نجد ان اول مايتبادر الي زهن متخذي القرار وصنًاع السياسات هي المعالجات الاقتصادية والمالية، ودور الثقافة كمحرك للتنمية لايوضع في الاعتبار ،وهذا يحتاج حسب رايه الي ما سماه (radical re-thinking of the concept of development) اعادة تفكير راديكالي لمفاهيم التنمية ، فالازمة الحالية اثبتت عدم توفر مفاهيم ومداخل ونمازج لمعالجة الاوضاع القائمة مما يؤكد ضرورة وضع الاعتبار للعوامل الثقافية .وايضا تناولت الورقة مصطلح التنمية مقابل العالم متقدم،  منذ امد بعيد وقضية النمو الاقتصادي والدول المتقدمة علي راس الاجندة التي يبدا بها اي نقاش او حوار علي المستوي الدولي وفي نفس نحن من منطلق ثقافي ناكد ان الدول الفقيرة اقتصاديا يمكن ان تكون غنية ثقافيا، عند الرجوع الي البعد الثقافي للتنمية، هناك عدد معين من الأسئلة التي تتصل بالنسبة للبلدان النامية، ولكن أيضا للعديد من البلدان التي تنتمي إلى العالم المتقدم ، مثل البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية. كل شيء يبدأ مع تقييم مستويات التنمية. في حين أن هناك العديد من المؤشرات لقياس الانجازات الاقتصادية، الا اننا لا تزال تبحث عن مؤشرات مناسبة لتقييم / قياس التنمية الثقافية وخاصة لرسم خريطة الامكانات الاقتصادية للمجال الثقافي.. بعد هذا التقييم، فمن الضروري  تصميم مشاريع سوف تركز على استخدام الثقافة كأداة للتنمية الاقتصادية وضمان أن تصبح الثقافة جزءا لا يتجزأ من برامج التنمية.

وطرحت الورقة سؤالا عن ما ينبغي اتخاذه من تدابير لتعزيز شراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز التنمية من خلال الثقافة؟ وذكر ان من اهم التدابير التي يجب اتخاذها:

·         يجب التوفيق بين الأمور المالية مع الثقافة.

·         التنفيذ الكامل لاتفاقية حماية وتعزيز أشكال التنوع والتعبيرالثقافي يمكن أن يكون بالتأكيد واحدة من الطرق لتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. أعلنت أهداف الاتفاقية، ونحن ننظر في كل الجوانب الثقافية والاقتصادية للسلع والخدمات الثقافية.

·          وكالات الأمم المتحدة يجب ان تعمل جنبا إلى جنب مع الشركاء المحليين من أجل تعزيز برامج التنمية التي تستهدف الثقافة والتنمية الثقافية. في المرحلة التحضيرية لتقدير وتقييم المشاريع، وان كانت هناك بعض المشاكل المفاهيمية، ولا سيما فيما يتعلق بصعوبة قياس الثقافية

·         ينبغي لليونسكو أن تواصل العمل بشأن مسألة الثقافة والتنمية وربط هذا الموضوع مع جميع الأولويات ذات الصلة. على سبيل المثال، وضع نظام لرصد اتفاقية عام 2005 (مع التركيز بشكل خاص على الأحكام التي تتناولالتنمية) سوف يكون من المفيد لرصد أفضل للمشاريع الملموسة (أي صندوق تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي / اسبانيا في مجال "الثقافة والتنمية").

الورقة الثانية بعنوان : المناطق المحلية والثقافة: حيث الهوية والإبداع تولد الثروة

فرانسيسكو دي ألميدا Francisco d’Almeida

المدير العام جمعية الثقافة والتنمية غرونوبل، فرنسا

بدأت الورقة لتؤكد انه المستوي المحلي والمناطق الريفية والمدن تمثل الاطار الذي تساهم فيه الثقافة في عملية التنمية بصورة جلية، فمدن مثل جوهامسبيج، كنجستون وداكار هي الاماكن التي يرتبط فيها التاريخ والهوية مع المنتج الثقافي والسلع، في تلك الاماكن الابداع التقليدي يعزز الانشطة والبرامج التي تعمل علي خلق فرص العمل، مما ينعكس ايجابا علي المشروعات المحلية افقيا و رأسيا، وهذا الذي شجع السلطات المحلية في دعم المشروعات والبرامج الثقافية لذيادة الموارد الانتاجية التي تذيد من فرص التنمية وذكر امثلة للانشطة التي نفذت في كل من المغرب ومدينة جوهانسبيرج ذات البعد الثقافي والتي ادت الي التقليل من معدلات الفقر والبطالة وانخفاض في معدلات الجريمة. وذكر اثر استراتيجيات التنمية التي بنيت علي اساس التاريخ السياسي والحياة الثقافية المحلية لتعزيزالاقتصاد من خلال الأنشطة المرتبطة بالثقافة والسياحة.ثم تناولت الورقة اثر الموسيقي المحلية في تحقيق التنمية المحلية في ساحل العاج عبر الانشطة المدعومة من قبل اليونسكو وكيف ساهم ذلك في اقامة منطقة (Nzassa) للانشطة الثقافية الاقتصادية امتزجت فيها الجهود الرسمية مع الجهود الشعبية والقطاع الخاص.

ومن اهم التحديات التي يجب ان توضع في الاعتبار حسب الورقة :

·        باختصارالثقافة هي تجسيد لهوية المكان، هي أداة للابتكار والتنمية عندما يتم دمجها مع سياسات القطاعات الأخرى في إطار نهج الشاملة. ومع ذلك، فإن مثل هذا النهج يثير تحديين رئيسيين:

التحدي الاول: ليس هناك من ينكر أن الربط بين مختلف مجالات العمل والإجراءات وأنواع المهارة غالبا ما يقابل باستجابة باردة من الوكالات التي لا تعمل في مجال الثقافة وليست على بينة من المساهمة الاجتماعية والاقتصادية للثقافة.

التحدي الثاني: والتحديا آخر والرئيسي، هو منظوراوسيع من الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للثقافة، واعتبار ذلك أيضا كبعد في حد ذاته، يعبر عن نظر فريدة من نوعها للعالم، وتمكين كل شخص ليقدم نفسه / نفسها إلى العالم من خلال الإبداع الثقافي.لذلك يجب اتباع نهج تعددي شامل للنجاح في مخاطبة التحديات التي تطرا نتيجة لتفاعل الجهود البشرية للتنمية مع الابعاد الثقافية للتنمية.

الورقة الثالثة بعنوان: الثقافة والتنمية: استجابة لتحديات المستقبل

مايك فان Graan - مدير معهد الفنون الأفريقية كيب تاون، جنوب أفريقيا

ذكر في المقدمة ان الاسئلة المطروحة علي الطاولة تتفق تماما مع ما جاء به، لان لأنها ذات صلة عميقة بافريقيا، افريقيا التي حيث أعيش؛والتي على الرغم من أكثر من 50 عاما من التدخلات الإنمائية، نجد بها 27 من أفقر 29 بلدا في العالم ؛ حيث لا يوجد سوى 9 دول - خارج 53 - يكون متوسط ​​العمر المتوقع  أكثر من 50. وانا من بلد بالرغم من ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي فيه (جنوب افريقيا) الا انها تعاني من ارتفاع لمعدل البطالة غير مسبوق، بلد فيه الهوة بين الفقراء والاغنياء هي الاوسع من نوعها في العالم، ومؤشرات التنمية الاجتماعية الهامة مثل العمر المتوقع، والصحة، ومحو الأمية والتربوية الحياة قد ركد أو انخفض.وذكر انه بالرغم من وجود افضل المؤسسات الدستورية والعدلية القائمة علي مبدأ مراعاة  حقوق الانسان والضامنة لتلك الحقوق،الا ان هناك عنف ضد المراة والطفل بمعدلات مرعبة، يجد فيها المواطن نفسه رهينة لاعمال العنف والجرائم. بينما نجد ان هناك دولًا وانظمة لا تحترم اي حقوق للانسان الا ان الفرد يتمتع فيها بحياة طويلة وآمنة، وبالرغم من ان الديمقراطية هي اساس التنمية الاجتماعية وقد مرت (4) انتخابات منذ تحقيق التحول الديمقراطي في جنوب افريقيا،لكن ليبيا التي تغيب فيها الديمقراطية تصل معدلات التنمية البشرية فيها الي معدلات هي الاعلي في افريقيا. مما يجعلنا امام تحدي مفهوم التنمية الذي ننشدها، هل هي ذيادة ثروات الدول؟ هل نقصد بذلك ذيادة هيمنة الاقتصاديات العملاقة علي الدول المتخلفة؟ هل نعني بذلك ذيادة انتاج واستهلاك السلع والخدمات؟ام نعني بذلك ذيادة الفرص الاقتصادية للافراد. هل هي حتمية دينية أو إيديولوجية أوسع حيث البشر والافرد أقل أهمية من المصالح السياسية للنخب؟ هل هو لشراء حلفاء في الحرب على الإرهاب، أو في الكفاح ضد الهيمنة الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية من جانب  قوة إقليمية أو عالمية أخرى؟

كيفية الإجابة على الاسئلة اعلاه  ستحدد ردنا على مسألة مدى فعالية دمج الثقافة في برامج التنمية المحلية والوطنية والإقليمية.

لأغراض التنمية، بحكم طبيعتها، وهو عمل من الثقافة. مهما كانت المصالح التي تخدمها،  أنه يقوم على القيم، رؤى عالمية، أفكار وافتراضات أيديولوجية تعمل علي تطوير المجتمع، البلد أو المنطقة التي في حاجة إلى "التنمية". من خلال عملية التنمية القيم ومعتقدات وأفكار  المستفيدين تنصرف الي التغيير، بحيث التنمية والثقافة يتعايشان في ديناميكية خلاقة، وليس فقط بطريقة خطية، ولكن في وقت واحد، وهذا نتاج تجربتنا مع التمييز العنصري وبعد التحول الديمقراطي ودخولنا في عداد الدول النامية.

 الأمر الذي يثير سؤالا آخر: هل التنمية، اذا بدأت بطريقة تدريجية، وافترضنا انها متجذرة في ثقافة المستفيدين  ، ولكن انتهي بها المطاف لخدمة المصالح الأيديولوجية والاقتصادية والثقافية للكتل المهيمنة،  الا يحتمل أن تكون أكبر تهديد للتنوع الثقافي ؟

 الشعوب الفقيرة ماديا يمكن ان تكون غنية بالثقافة والقيم، وتلك الغنية ماديا  يمكن ان تكون فقيرة ثقافيا.  ثم، ما الذي نعنيه "بالثقافة في أوسع معانيها"؟ هل نعني الفهم الأنثروبولوجي للثقافة الذي يشير إلى مجمل الوجود البشري؟ ام الذي نعنيه الفنون والتعبيرات الإبداعية في حد ذاتها، أو أننا لا يعني سوى التطبيق الاستراتيجي للفنون لأغراض التنمية؟ علي كل حال، ما هو أسمى تعبير  للبعد الثقافي للتنمية الآن، أساسا، الصناعات الإبداعية؟

وفي الختام خرجت الورقة بعدة توصيات اهمها:

·           تطوير مجموعة أدوات تبي بوضوح ما تعنيه التنمية من خلال الثقافة والبعد الثقافي للتنمية، مع أمثلة عملية والاستراتيجيات وهذا قد يجذب السياسيين والمسؤولين الحكوميين والمنظمات غير الحكومية، والممارسين الثقافية ووكالات التنمية. أنا أحيانا أعتقد أن واحدة من العقبات الرئيسية هي أننا - أولئك الملتزمون  بمبدأ البعد الثقافي للتنمية – نعاني من خلط وتعميم وضعف تسويق مانعنيه.

·           يجب أن يكون المحرك الرئيسي هو المجتمع المدني، بدلا من الحكومات - وبالتالي ظهور شبكة من الفنانين الأفارقة والمنظمات غير الحكومية، الخ،  تلتزم بخلق قطاع إبداعي لهم ولمجتمعاهم . العقبات الرئيسية هو ضعف الادراك وعدم توفر الإرادة السياسية، لذلك ينبغي أن تعطى المسؤولية لاؤلئك الذين لديهم ميل مباشر في تعزيز البعد الثقافي للتنمية.

·           تطوير مؤشر للتنمية الثقافية: لتقييم ورصد و الإجراء الذي ينبغي اتخاذه.

·           إنشاء لجان ثنائية قومية - المجتمع المدني والشركاء الحكوميين من البلدان المتقدمة والنامية - لتحديد وإدارة ورصد استراتيجيات الثقافة والتنمية. وثمة عقبة رئيسية غياب التخطيط والقيادة.

·           ربما ينبغي تخصيص نسبة مئوية من مساعدات التنمية لاستراتيجيات الثقافة والتنمية ، ولكن بعد ذلك يجب أن تكون هناك القدرة على استخدام هذه المساعدات.

         وخلصت الورقة لتؤكد ان كان البعد الثقافي للتنمية في رواج لعقود، مع الكثير من الاهتمام، ولكن نجاح  محدودة في الواقع - على الأقل في العالم النامي. وربما حان الوقت، بدلا من ذلك، التركيز على البعد التنموي للثقافة.

الورقة الرابعة بعنوان: المدن والنظم الإيكولوجية الثقافية

جوردي مارتي المستشار الثقافي لمجلس مدينة برشلونة، اسبانيا

جاء فيها انه من تحليل اتجاهات التنمية الثقافية يمكن أن ندرك التقدم الذي حققته المدن والحكومات المحلية في السنوات الأخيرة. الفترة الطويلة التي ظل فيها النقاش حول التنمية تقليدي(اقتصادية) ولا شك اننا الان يجب ان نبحث عن اطروحات جديداكثر توازنا ستدعاء التدابير المستدامة لنظام أقل تدميرا مع الموارد المتاحة محدودة. فهو في هذا المجال أن للثقافة مساهمات رئيسية  كما يمكن للثقافة ان تكون لها دور في الاجابة علي كثير من الاسئلة عن التنمية. ودعا مخططي المدن إلى رؤية طويلة الأجل  لزرع بذور التنمية المستدامة بحيث يكون  للثقافة دورا محوريا فيها.مؤكدا إيمانه في القيمة الجوهرية للثقافة للمضي قدما بالمستقبل.

واقترحت الورقة ما اسمته مبادئ لتنفيذ أجندة جديدة للسياسة الثقافية:

- وينبغي توصيل رسالة واضحة وصلبة. وينبغي أن تعتد سياساتنا على برامج متماسكة وخاضعة للمساءلة تستند إلى رؤية واسعة وكبيرة. وأفعالنا ليست معزولة حيث يجب ان ندمج أعمالنا في الإطار الثقافي العالمي. وتعزيز هذا الجهد بعمليات التخطيط الاستراتيجي والمجالس التشاركية .

- الرغبة في تغييرواقعنا، صحيح أننا في نتحمل اخطار في اعملنا اليومية في محاولتنا لإدخال خدمات جديدة، مقترحات جديدة في البرامج التي نقوم بها. بل هو نوع من الفكرة المكررة وهي مناسبة بشكل خاص عند التعامل مع الأصول غير الملموسة مثل العمل في الثقافة والفنون.

- وضع الاعتبار للخلفية المعقدة لتجاربنا والحقائق متعددة : الحداثة مقابل التقليد، تنوع ثقافي  أو فرد مختلفون. يجب دمج المصالح في الاطار العام. ويجب أن يستند عملنا على افتراض هذا التعقيد، وليس على فكرة تبسيط ذلك.

- قيادة واضحة لدفع عملنا إلى الأمام. المشاريع الناجحة بحاجة إلى قيادة قوية لتنفيذها والقيام بالتزاماتها. والرؤية الملهمة أمر أساسي لتنظيم وتنفيذ مشاريع في مجال الفنون.

- التزام التخطيط قبل العمل. نحث علي ربط وجه الأفكار والنقاش مع العمل النهائي. ومن الضروري التأكيد على القدرات علي التخطيط واستخدام الأدوات الملائمة لإعداد و تنفيذ المشاريع الثقافية. المشاركة ذات الصلة ولا سيما عند إعداد خطط التنمية الثقافية.

- الاستثمار في المدى الطويل. يجب أن نكون على بينة من تعقيد عملية التطور الثقافي والحاجة إلى الاستثمار في مشاريع مستدامة ببساطة، المشاريع الثقافية تحتاج الى وقت ليتم وضعها وتنفيذها.

وقام بتلخيص تجربة برشلونة مع الثقافة في التنمية والتي ركزت علي الاتي:

- تعزيز ودعم مشاريع الإنتاج الفني والثقافي؛

- تطوير الأدوات التشاركية لصياغة السياسات الثقافية المحلية؛

- تعزيز توجه المجتمع نحو المشاريع الثقافية.

الورقة الخامسة بعوان: الاعتبارات الثقافية في تنمية شانغهاي

جيانغ وو نائب رئيس جامعة تونغجى شنغهاي، الصين

تناولت الورقة تجربة مدينة شنغهاي في التنمية الثقافية واستعرض التسهيلات التي قدمت في سبيل تعزيز دور الثقافة في كل مناحي الحياة، كما تم تشييد لمؤسسات الثقافية التي تعمل علي ربط الحاضر بالماضي والمستقبل،من متاحف وقصور ثقافة ووقاعة المدينة التي اصبحت وجه العامة.ووفقا للخطة الاستراتيجية لشنغهاي سوف يضاف عدد(50)متحف خلال الاعوم المقبلة.

خلصت الورقة الي الثقافة والتنمية يبدوان علي طرفي نقيض . ولكن هل يمكن أن نطور ثقافة ونحفاظ على الثقافة التقليدية من خلال التنمية الاقتصادية، أو تعزيز التنمية الاقتصادية بطريقة أكثر ثقافية؟ يجب أن تكون الإجابة نعم. يوجد

الورقة السادسة بعنوان :الثقافة وسيلة للتنمية  (    ( culture, medium of development

باتريسيو Jeretic - مستشار دولي في التنمية واقتصاديات الثقافة – تشيلي

جاء فيها ما مفاده،  كدالة للهوية والحضارة الثقافة هي عنصر حاسم للتنمية، وكذلك قطاعات الانشطة الثقافية عوامل مهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهي من الموارد الغنية التي يمكن للبلدان النامية الاستفادة منها. هذه القيمة الجوهرية للثقافة لا يوجد طريقة لتتناقض مع بعدها الاقتصادي، فالأحداث الثقافية، والمنتجات والخدمات التي هي مستمدة من الإبداع الفني ومن موارد التراث الثقافي المادي وغير المادي تشكل مختلف  أشكال التعبير الفني والثقافي، وبالتالي فهي شكل من أشكال بلورة التنوع الثقافي. ثم ثناول دور الثقافة في تحديد القرارات الخاصة بالانتاج والاستهلاك، والانشطة الثقافية تؤدي الي المذيد من الابداع والابتكار في كل القطاعات وعلي كل المستويات. ثم حدد عدة اثار قتصادية للانشطة لثقافية وهمها:

·        تضيف قيمة اقتصادية عالية للأنشطة المرتبطة بقطاعات النشاط الثقافي؛

·        توجه الموارد نحو التنمية المحلية؛

·        تحسين القدرة التنافسية الدولية للبلاد؛

·        التأثير الإيجابي للثقافة على الإبداع للأفراد؛

·        تحسين قدرة الناس على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية؛

·        تشجيع إعادة تنشيط وإحياء المدن والمجتمعات المحلية؛

·        ذيادة الانشطة التي تولد فرص عمل.

·        الصادرات المحتملة بالنسبة للبلدان النامية؛

·        تنويع الاقتصاد؛

·         تنمية المشاريع الصغيرة

·        مصدر محتمل للدخل بالنسبة للقطاعات الأكثر حرمانا؛

 

 

 



[1] - محمد الغزالي،(الفساد السياسي)،كتاب بصيغة pdf www.al-mostafa.com;ص9
[2] - في مؤتمر صحفي(بمناسبة الاجراءات الاقتصادية التي تتجه الحكومة الي تطبيقها، للخروج من الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد) نقل علي الهواء في الاذاعة السودانية ليلة الاحد لموافق 22-9-2013م وفي رده علي سؤال حول اسباب الازمة، ذكر رئيس الجمهورية في السودان اكد ان مشكلة السودان الاقتصادية والاجتماعية ، من صراعات قبلية ونزاعات مسلحة هي مشكلة ثقافية. وهذا ما ذهب اليه رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات في السودان البروفيسور علي شمو أن أزمة بلاده ثقافية وليست سياسية. واضاف "إن الثقافة أقوى من السلاح، وأقوى من أي عامل سياسي، بل هي التي تدعم السياسة".. في مقابلة صحفية مع الجزيرة نت.
[3] - راجع الفصل الاول "الاتجاهات النظرية في دراسة التنمية الاجتماعية"
* - يرى الباحث هنا ان تحقيق الرفاه الانساني في بعده المادي فقط (علي نحو ما حققه الغرب)، ما عاد يمثل هدفا في ذاته بقدر ما يمكن ان يمثل وسيلة للوصول الي الرفاه المعنوي، لأن المعلوم ان التجربة الغربية عكست تفكك في البنية الروحية القيميًة الاجتماعية، في المجتمعات الغربية ادي الي حالة من عدم التوافق مابين الاشباع المادي والمعنوي، مما اوجد نوع من العلاقات العكسية مابين الحاجات المادية والمعنوية، تتجلي في المشكلات الأجتماعية، (انتشار الجريمة المنظمة، الرقيق الابيض، المخدرات،جرائم الاحداث، تفكك اسري، الاقتصاب، العنف ضد المرأة والاخير يطلق عليه الغرب العنف المنزلي ...وغيرها من مظاهر السلوك الغير مرغوب اجتماعيا) ، الشبيه بتلك الموجودة في العالم الثالث وان اختلفت الاسباب الا ان النتيجه واحدة  وجود "فجوة معنوية". فشوارع "شيكاغو"- في الولايات المتحدة الامريكية - ليست اكثر أماناً من شوارع "زالنجي" في غرب السودان.
* *في ورقة بحثية بعنوان، (إدارة التنوع الثقافي في شمال السودان الأبعاد الدینیة والإثنیة)،2012م، اعدها، الأىستاذ: حیدر إبراهيم علي –مدير مركز الدراسات السودانية – في اطار مبادرة الاصلاح العربي. مما جاء في تلك الورقة، " كثیرا ما أتذكر في هذه الحالة المؤرخ الشهير"آرنولد توینبي" الذي تنبأ للسودان في ستینیات القرن الماضي، في كتابه: من النیجر إلى النیل، بأن یكون هو ونیجیریا ملتقیا الثقافات والأدیان والأعراق في إفریقیا.  وأنھما سیقدمان نموذجا للتعایش السلمي للثقافات المتعددة". اي ان الدولتين لديهما فرصة بناء راسمال اجتماعي متين،(الوحدة في اطار التنوع).
- [4]  محمد الفيش،(دور الثقافة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية)،دراسة تم نشرها في الموقع الخاص بـ ا.د. محمد علي آذرشب ، الاستاذ في جامعة طهرانhttp://azarshab.com/Default.asp?Page=ViewData&Dir=Thaqafatona02&File=05
* لورنس هاريسون- Lawrence Harrison،(under development is state of mind) Center for International Affairs, Harvard University and University Press of America, 1985 ، هاريسون، باحث كبير ومساعد محاضر في معهد فليتشر في جامعة تفتس. ومن مؤلفاتهالتخلف حالة ذهنية، من يزدهر؟ والحلم الأمريكي، والحقيقة الليبرالية المركزية، وشارك صمويل هنتنغتون في تأليفالثقافة مهمة: كيف تُشكل القيم التقدمَ الإنساني. أدار بين عامي 1965 و1981 بعثات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في جمهورية الدومينيكان وكوستاريكا وغواتيمالا وهاييتي ونيكاراغوا. كان هاريسون مرتبطا بمركز ويثيرهيد للشؤون الدولية التابع لجامعة هارفارد لمدة ثماني سنوات خلال الفترة 1981-2001.
[5] -  "محمد فيش"، مصدر سابق: ان كثيراً من الباحثين الجدد الذين يركزون على أهمية دور الثقافة في التنمية هم في الغالب من ورثة ماكس ويبر (١٩٥٨) Max Weber الذي فسّر صعود الرأسمالية كظاهرة ثقافية تمتد جذورها إلى الدين.
[6] - ابراهيم غرابية،(التنمية علي اساس الثقافة ولعدالة الاجتماعية)، المعرفة:مقالات رأي، الجزيرة نت،(3-10-2004م).
* اليابانب : يوكيشي فوكوزاو"* (1901- 1835) مؤلف كتاب (تحفيز على التعلم) صدر في العام (1872م) ب (220.000) نسخة بطبعته الأولى، ثم تجاوز الستة ملايين نسخة.
[7] - محمد حفوظ، (العلم اولا ودائما)، شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء  16 آيار2007 -27
               http://www.annabaa.org/nbanews/63/152.htm
- [8] التنمية الثقافية في العالم العربيhttp://www.startimes.com/?t=32339965
- [9] م.رومانيلي، ( الثقافة والتنمية )، مقال منشور علي موقع اليونسكوhttp://www.unesco.org/ar/cultural-diversity/culture-and-development/
- [10] د.كريم أبو حلاوة،(دور الثقافة في التنمية البشرية المستدامة) 27/05/2010
- [11]  العماد جان قهوجي،(دراسة بعنوان:الثقافة عامل اساسي في التنمية الشاملة)،مجلة الدفاع الوطني،(1-10-2000م) الموقع الرسمي للجيش اللبنانيhttp://www.lebarmy.gov.lb/ar/news/?1301#.UlemCRf7-SM 
[12] - دوني كوش،(دراسة –عن مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية،ترجمة الدكتور قاسم مقداد)، منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق،2002م،ص7،8http://www.awu-dam.org
- [13] د.كريم أبو حلاوة، مصدر سابق
- [14] للمزيد حول الموضوع راجع ، د.عبدالله ابراهيم(الحداثة والعولمة  وقيم المجتمع التقليدي)،ص23
* أفرام نعوم تشومسكي (Avram Noam Chomsky) (ولد في د ديسمبر 1928 فيلادلفيا، پنسلڤانيا) هو أستاذ جامع مدى الحياة في اللغويات في معهد مساتشوستس للتكنولوجيا. هو صاحب نظرية النحو التولدي، والتي كثيراً ما تعتبر أهم اسهام في مجال اللغويات النظرية في القرن العشرين. وقد اسهم كذلك في اشعال شرارةالثورة الإدراكية في علم النفس من خلال مراجعته للسلوك الفعلي لـ ب.ف. سكينر، والذي تحدى المقاربة السلوكية لدراسة العقل واللغة والتي كانت سائدة في الخمسينات. مقاربته الطبيعية لدراسة اللغة أثّرت كذلك على فلسفة اللغة والعقل (انظر هارمان وفودور. ويعود إليه كذلك فضل تأسيس ما أصبح يُعرف بـ تراتب شومسكي، وهي تصنيف للغات الرسمية حسب قدرتهم التولدية.
وحسب فهرس مراجع الفنون والإنسانيات، بين 1980 و 1992 ذكر اسم شومسكي كمرجع أكثر من أي شخص آخر حي، وكثامن شخص على الإطلاق.
 
- [15]  صحيفة رسالة الجامعة،(دور الثقافة واهميتها في التنمية لاقتصادية)،11-10-2013مhttp://rs.ksu.edu.sa/32935.html
- [16]  د. محمد عابد الجابري،( التنمية الثقافية شرط أساسي للتنمية الشاملة)،معهد الامام الشيرازي الدولي للدراسات-واشنطن http://www.siironline.org/alabwab/derasat(01)/425.htm
[17] - شبكة النبأ المعلوماتية،(اعادة هيكلة البنية الثقافية للمجتمعات هي المدخل الصحيح الى التنمية)، http://www.annabaa.org/nbanews/67/284.htm
- [18] ا.د. محمد علي آذرشب،(مصدر سابق)
- [19]  العماد جان قهوجي،(دراسة بعنوان:الثقافة عامل اساسي في التنمية الشاملة)،مجلة الدفاع الوطني،(1-10-2000م) الموقع الرسمي للجيش اللبنانيhttp://www.lebarmy.gov.lb/ar/news/?1301#.UlemCRf7-SM 
- [20] ا.د. محمد علي آذرشب(مصدر سابق)
- [21] محمد الفيش،(دور الثقافة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية)،دراسة تم نشرها في الموقع الخاص بـ ا.د. محمد علي آذرشب ، الاستاذ في جامعة طهرانhttp://azarshab.com/Default.asp?Page=ViewData&Dir=Thaqafatona02&File=05
- [22]  للمزيد، راجع، أ.د.حسن صديق،(القيم الثقافية والتنمية البشرية)،دراسة منشورة في موقع البروفيسور، في العنوان ادناه
     /القيم-الثقافية-والتنمية-البشرية/http://asseddik.com/cms
[23] - دوني كوش،(مصدر سابق ) ص،8
* The time has come to rethink our approaches to development if we want to ensure a sustainable future for the generations of tomorrow. Yet, culture, defined as “the set of distinctive spiritual, material, intellectual and emotional features of society or a social group” has always served as the inspiration and matrix for all transformations within human societies. Since it is dynamic by nature, culture provides various well-suited opportunities. In the context of the current global crisis, might not culture, given its
rich diversity, be part of the solution for sustainable and more equitable development?
Should we not move culture to the forefront of our thinking on models for development and for international cooperation?
[24] - A symposium organized within the framework of the 35th session of the General Conference of UNESCO in collaboration with Sciences Po and with the support of the Government of the Kingdom of Spain Sciences Po, Paris, 10 October 2009
[25] - يمكن الرجوع الي http://www.unesco.org/new/en/venice/culture/culture-a-bridge-to-development/
* يعتبر العام (2015م)، نهاية المدي الزمني لتحقيق اهداف الالفية الثالثة المعروفة بـ"MDGs "" Millennium Development- Goals "
[26] - للمزيد مراجعة http://www.unesco.org/new/en/culture/themes/culture-and-development/hangzhou-congress/
0

إضافة تعليق

جارٍ التحميل